انتقادات مهنية واسعة لمسطرة المصادقة على قانون إعادة تنظيم المجلس الوطني للصحافة

أثارت الطريقة التي جرى بها تمرير مشروع القانون رقم 026.25 المتعلق بإعادة تنظيم المجلس الوطني للصحافة موجة انتقادات قوية في الأوساط المهنية والسياسية، حيث عبّرت لجنة الصحافيين والصحافيات من أجل إعلام حر ومستقل عن رفضها لما وصفته بأسلوب “غير ديمقراطي” في دراسة والمصادقة على النص.

وفي بيان لها، اعتبرت اللجنة أن مسار المصادقة على المشروع شابه تجاهل واضح لمقترحات التعديلات التي تقدمت بها فرق المعارضة البرلمانية، معتبرة أن هذا السلوك يعكس، بحسب تعبيرها، “تحالفًا مصلحيًا” بين السلطة التنفيذية وبعض الفاعلين المتحكمين في قطاع الإعلام والإشهار، على حساب الصحافيين واستقلالية المهنة.

وطالبت اللجنة بإحالة مشروع القانون بشكل فوري على المحكمة الدستورية، مشيرة إلى وجود ملاحظات جوهرية سبق أن عبّر عنها مهنيون ومؤسسات دستورية، وإلى ما تعتبره محاولات لإعادة تشكيل المشهد الصحافي بما يخدم مصالح اقتصادية محددة، مقابل تهميش الجسم الصحافي.

كما دعت إلى وضع حد لتدخل السلطة التنفيذية في تنظيم المهنة، ووقف العمل بمنطق التعيين داخل الهيئات التي يفترض أن تقوم على الاستقلالية والتنظيم الذاتي، مع التأكيد على ضرورة حماية حرية الصحافة من كل أشكال الضغط أو التضييق.

وفي السياق نفسه، نبهت اللجنة إلى ما اعتبرته توظيفًا متزايدًا للمساطر التأديبية والقضائية والمالية ضد الصحافيين بسبب آرائهم أو اختياراتهم المهنية، مطالبة بفتح تحقيق مستقل في عمل لجنة الأخلاقيات، وترتيب المسؤوليات القانونية، بما يضمن مبدأ المساءلة وعدم الإفلات من العقاب.

كما شددت على ضرورة التصدي لما وصفته بحملات التشهير الممنهجة، وتجريم استغلال المنابر الإعلامية للتحريض أو لخدمة مجموعات مصالح، معتبرة أن التطورات الأخيرة تؤكد الحاجة إلى مراجعة شاملة لمنظومة التنظيم الذاتي للمهنة.

وجددت اللجنة مطلبها بحل المجلس الوطني للصحافة، معتبرة أن أي محاولة لإعادة إحياء ولاية منتهية تُعد مساسًا بمصداقية المؤسسة، داعية إلى إرساء تنظيم ذاتي مستقل يقوم على انتخابات ديمقراطية حقيقية، بعيدا عن منطق التعيين أو التدخل الحكومي.

وفي بيانها، انتقدت اللجنة أيضًا ما اعتبرته فشلًا لمحاولات فتح حوار حقيقي مع الفاعلين المهنيين، محمّلة جزءًا من المسؤولية لوزارة الشباب والثقافة والتواصل، بسبب ما وصفته باصطفافها مع جهات تمثل مصالح الناشرين المشهرين.

وتزامنت هذه المواقف مع مصادقة مجلس المستشارين على مشروع القانون، في جلسة عرفت انسحاب فرق المعارضة، التي أعلنت عزمها نقل المعركة إلى المحكمة الدستورية، للطعن في دستورية النص، على خلفية ما اعتبرته خروقات مسطرية ومضمونية.

وترى المعارضة أن تمرير المشروع في البرلمان بغرفتيه، دون توافق مهني واسع أو نقاش عمومي شامل، عمّق من حدة الخلاف حول مستقبل تنظيم مهنة الصحافة، في قطاع يضم حوالي 4500 صحافي، مقابل مصادقة محدودة داخل لجنة برلمانية، وهو ما أعاد إلى الواجهة النقاش حول استقلالية الإعلام وحدود تدخل الدولة في شؤونه.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.