عيد الاستقلال المغربي: ذاكرة وطنية متجددة وانتصارات دبلوماسية ترسّخ السيادة
جهات
يحتفل المغاربة في 18 نوفمبر من كل عام بذكرى عيد الاستقلال، وهي محطة وطنية بارزة تستحضر مسار التحرر من الاستعمار وتستعيد ملحمة شعب تحدّى الحماية الإسبانية والفرنسية لأزيد من أربعة عقود. يمثل هذا اليوم لحظة رمزية يجدد فيها المغاربة ارتباطهم بتاريخهم ووفاءهم لروّاد المقاومة وجيش التحرير، وللموقف التاريخي للملك الراحل محمد الخامس الذي قاد سفينة التحرر باستراتيجية حكيمة ووحدة وطنية صلبة.
مسار الكفاح… من المقاومة إلى الاستقلال
شهد المغرب منذ سنة 1912 سلسلة من الانتفاضات الشعبية والمعارك البطولية، بدءاً من مقاومة الأطلس والريف وصمود قبائل الجنوب، وصولاً إلى العمل السياسي المؤطر للحركة الوطنية. وكان تقديم وثيقة المطالبة بالاستقلال سنة 1944 نقطة تحول حاسمة، جسّدت وحدة الصف بين الشعب والعرش.
وبعد نفي الملك محمد الخامس سنة 1953، تحولت المقاومة إلى ثورة حقيقية انتهت بعودة الملك من المنفى سنة 1955 وإعلان الاستقلال في 18 نوفمبر من السنة نفسها.
الذاكرة الوطنية… ورمز الوحدة
يمثل عيد الاستقلال مناسبة لإعادة قراءة تاريخ المغرب الحديث، ولترسيخ قيم التضحية والانتماء والوحدة. كما يشكل فرصة للاعتراف بجهود جيش التحرير ورجال المقاومة الذين حفظوا للبلاد كرامتها وفتحوا الباب لبناء الدولة المؤسساتية.
انتصارات دبلوماسية تعزز المسار التاريخي للمملكة
لا يقتصر معنى الاستقلال على التحرر من الاحتلال، بل يمتد إلى الحفاظ على وحدة التراب الوطني وترسيخ السيادة المغربية. وفي هذا السياق، حقق المغرب خلال العقدين الأخيرين انتصاراً بارزاً تمثل في الاعتراف الدولي الواسع بمبادرة الحكم الذاتي كحلّ جدي وواقعي وذي مصداقية لنزاع الصحراء المغربية.
فقد تبنّت العديد من الدول الكبرى—منها الولايات المتحدة، وإسبانيا، وألمانيا، ودول إفريقية وعربية—موقفاً داعماً للحكم الذاتي باعتباره الإطار الأنسب لتسوية هذا النزاع. كما أسست الأمم المتحدة موقفها على “الواقعية وروح التوافق”، وهو ما تتجسد عناصره بشكل واضح في المقترح المغربي.
هذا التطور يُعد امتداداً طبيعياً لمسار الاستقلال، حيث يواصل المغرب تثبيت سيادته على كامل ترابه بوسائل دبلوماسية ناجعة وسياسات تنموية في الأقاليم الجنوبية، التي أصبحت اليوم نموذجاً للاستقرار والبنية التحتية المتقدمة والاستثمارات الكبرى.
المغرب اليوم… ثبات في البناء وتوجه نحو المستقبل
يواصل المغرب، تحت قيادة الملك محمد السادس، مسار الإصلاح السياسي والاقتصادي، وتثبيت مؤسسات قوية، وتوسيع نموذج التنمية ليشمل مختلف الأقاليم. ويتجلى الامتداد التاريخي لعيد الاستقلال في حضور المغرب القوي قارياً ودولياً، وفي رؤية استراتيجية تعتمد على التنمية والأمن والدبلوماسية الفاعلة.
عيد الاستقلال ليس مجرد ذكرى وطنية؛ إنه عنوان لمسار طويل من النضال السياسي والتحرر، وامتداد لسياسة سيادية معاصرة تُكرّسها الانتصارات الدبلوماسية للمملكة وفي مقدمتها الاعتراف الدولي بالحكم الذاتي. إنه يوم يجمع المغاربة حول تاريخهم المشترك، ويعزز إيمانهم بمستقبل أكثر قوة واستقراراً