إيطاليا تترقب ميلاد حكومة جديدة

هجر الراجي-ومع

سينتخب البرلمان الإيطالي، الخميس المقبل، رئيسيه، ليكون بذلك نقطة انطلاق لتشكيل الحكومة الجديدة. مسار تتخلله خطوات مؤسساتية إلزامية، تأرجح موعد استحقاقاتها النهائية في الماضي بين 24 يوما وثلاثة أشهر. وبالنسبة لهذه الولاية التشريعية الجديدة، فإن الأجندة مزدحمة ولا تسمح بالتأخير.

فمن خلال تسريع وتيرة المفاوضات مع حلفائها والمشاورات مع الفريق المنتهية ولايته، تحاول جيورجيا ميلوني، الوافد المحتمل إلى مقر “بلازو شيغي” سلك الطريق المختصر، فإذا ظل توقيت إعلان الحكومة غير مؤكد، فإن الترتيبات النهائية تلوح في الأفق.

وكما كان متوقعا، سيلتئم النواب وأعضاء مجلس الشيوخ الإيطاليون الجدد للمرة الأولى في 13 أكتوبر لوضع أولى اللبنات. هي لحظة حاسمة في تشكيل البرلمان الجديد، ويمثل هذا التاريخ أيضا مقدمة لاتفاق عام على السلطة التنفيذية المقبلة.

وبعد تشكيل الفرق البرلمانية، سيتعين على المنتخبين اختيار رئيس مجلس النواب ومجلس الشيوخ في البداية. وفي سيناريو كلاسيكي، سيبدأ رئيس الجمهورية بعد ذلك المشاورات بشأن تعيين رئيس جديد للحكومة من قبل رؤساء المجلسين المعينين حديثا، ثم قادة الأحزاب الرئيسية وربما رؤساء الفرق البرلمانية.

وفي هذا السياق، أكد الرئيس الإيطالي، سيرجيو ماتاريلا، مؤخرا، أنه سيعمل “على وجه السرعة، بالنظر إلى اللحظة الدقيقة، التي تتسم بحالات الطوارئ الدولية والأزمة الطاقية”.

ووفقا لوسائل الإعلام الإيطالية، فإن هذه المشاورات يتعين أن تكون مختصرة ولا يمكن أن تستغرق أكثر من يومين، وذلك بالنظر إلى أن نتائج انتخابات 25 شتنبر أفرزت هيمنة واضحة لحزب فراتيلي دي إيطاليا (إخوة إيطاليا).

بعد ذلك، يعطي رئيس الجمهورية تفويضا لشخصية، يحتمل أن تكون جيورجيا ميلوني، رئيسة حزب فراتيلي دي إيطاليا الذي تصدر الانتخابات، لتشكيل حكومة جديدة.

وفي غضون ذلك، تقوم جيورجيا ميلوني بتسريع الوتيرة وتحافظ على الخط المتحفظ الذي تم اختياره بعد التصويت. فهي تقلل من عدد خرجاتها العامة، وتضاعف المشاورات غير الرسمية مع رئيس الوزراء المنتهية ولايته، ماريو دراغي، وتتفاوض بشدة على الحقائب الإستراتيجية لحكومتها المحتملة.

وقالت ميلوني في أول ظهور علني لها بعد أسبوع من الانتخابات: “أريد أن أكرس نفسي جسديا وروحيا لأكثر القضايا استعجالا التي ستواجهها السياسة في الأشهر المقبلة”.

وأكدت “لدينا آجال قصيرة وتحديات كبيرة يجب مواجهتها، لكننا مستعدون”، متحملة مسؤولية “واجبها بعدم هدر الوقت وتوخي الحذر”.

وفي السياق ذاته، قالت ميلوني، أول أمس الأربعاء خلال اجتماع المجلس التنفيذي لحزبها إنها تحرص على تشكيل “أفضل حكومة ممكنة”. وتابعت “إذا لم يكن لدى تحالف يمين الوسط في وزارة ما مرشح بالمستوى المطلوب، فلا مشكلة في تكليف تكنوقراطي بهذه المهمة”.

إعلان لا يبدو أنه يرضي حلفائها، لاسيما رئيس الرابطة، ماتيو سالفيني، الذي يدعو إلى حكومة “سياسية بالكامل” ويطالب بمناصب بعينها، على غرار وزارة الداخلية والفلاحة والعدل.

لكن رئيسة حزب “فراتيلي دي إيطاليا” استطردت بالقول “في النهاية سنجد الحل”.

ومع اقتراب الموعد النهائي الأول سريعا، يتعين على إيطاليا، المثقلة بالديون، تقديم مشروع ميزانية 2023 إلى بروكسيل قبل نهاية الشهر. وتعتبر شبه الجزيرة المستفيد الرئيسي من أموال خطة التعافي الأوروبية، لكن يتعين عليها مواصلة الإصلاحات والمشاريع الكبرى التي تم إطلاقها من أجل تحقيق الأهداف التي حددتها بروكسيل لتلقي الدفعة الثانية بحوالي 20 مليار يورو نهاية السنة.

وقال رئيس الوزراء المنتهية ولايته ماريو دراغي، يوم الأربعاء، إن الخطة تعد فرصة فريدة لإنعاش اقتصاد إيطاليا، للتغلب على التفاوتات الترابية وبين الجنسين وبين الأجيال التي تثقل كاهل البلاد، مردفا بالقول إن “تنفيذها الكامل أمر أساسي لمصداقية إيطاليا مع المواطنين والشركاء الدوليين”.

وفضلا عن خطة الإنعاش، بالنسبة لجيورجيا ميلوني، فإن أزمة الطاقة، التي تلقي بثقلها على المواطنين والمقاولات، هي الاختبار الحقيقي والتحدي الرئيسي للجهاز التنفيذي المقبل، الذي يعوزه هامش المناورة، ولكنه في المقابل “يعول على حل أوروبي سريع لوقف التكهنات حول تكاليف الطاقة قبل حلول فصل الشتاء.

وسيجتمع المجلس الأوروبي في 20 أكتوبر الجاري، فهل يمكن لرئيسة الوزراء المحتملة طي صفحة هذا المسلسل قبل ذلك الحين ؟، هو أمر وصفته جيورجيا ميلوني “بالصعب للغاية”.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.