“السلطان عثمان” حكم شمال إفريقيا 50 عامًا.. وهذا ما فعله مع غرناطة
يشهد التاريخ في مراحله المتعددة الكثير من الشخصيات والقادة المسلمين البارزين، الذين قدَّموا إسهامات عديدة في العلوم الفقهية والعلمية التي أثرت تأثيرًا مباشرًا في تقدُّم المسلمين والبشرية.
وشخصية اليوم هو السلطان أبو عمرو عثمان بن محمد المنصور، الذي وُلد في 27 رمضان 821 هـ، الموافق 1418م. وهو سلطان حفصي (إمارة إفريقيا في قلب الصحراء الكبرى الآن)، وحكم إفريقية لمدة تفوق نصف قرن.
ويتصف السلطان أبو عمرو عثمان بأنه طويل القامة، وقليل الكلام، ومعتدل، وفي غاية الورع، وكان عادلاً، يعطف على الجميع، وحظي بمحبة شعبه.
أخضع السلطان أبو عمرو عثمان فيما بين عامَي 1441 و1451 المناطق الجنوبية لإفريقية وصولاً إلى تقرت (تونس وجنوب ليبيا وتشاد) من جهة، والأراضي الطرابلسية من جهة أخرى.
وظهرت لأول مرة قبائل أولاد مسكين وأولاد يعقوب والشنانفة وأولاد سلطان وأولاد عون. وقد قابل أبو عمرو عثمان تلك القبائل في مضاربها، وطاف مرات عدة في جميع أراضي بلاده حتى وصل الأراضي الطرابلسية جنوبًا.
ووصف أحد الرحالة الأوروبيين أبا عمرو عثمان قائلاً إنه أعظم وأقدر وأثرى ملك من الملوك المغاربة. وإن كانت المعلومات شحيحة حول هذه الفترة من عهد أبي عمرو عثمان فإنه قد استقبل خلالها عددًا من شيوخ القبائل.
وتميزت فترة حكم أبي عمرو عثمان بعلاقاته الودية مع جميع مماليك مصر والسلاطين العثمانيين، وكذا مع غرناطة الإسلامية التي كانت تعيش آنذاك آخر عهدها الإسلامي قبل سقوطها عام 1492؛ فقد أوفد بعض الإعانات المالية لملوكها في سبيل الجهاد، وفي هذا المعنى يقول ابن الشماع: “من مآثره “صدقته الجارية على أهل جزيرة الأندلس إعانة لهم على ما هم بصدده من جهاد عدو الدين”.
كما تواصلت العلاقات الدبلوماسية والتجارية في عهده مع دول مثل إيطاليا، وتم عقد اتفاقيات مع البندقية عام 1456م، وجنوه عام 1465م، وفلورانس عام 1460م، ونابولي عام 1478م. وقد كان يوجد بتونس قناصل بندقيون وجنويون، وكان الخط البحري منتظمًا بين إفريقية والدول الإيطالية.
اهتم السلطان أبو عمرو عثمان بالجانب التعليمي والعلمي والثقافي من خلال بناء المدارس، وأهمها تلك التي تقع إزاء زاوية سيدي محرز بن خلف، وجعل فيها درسًا لقراءة العلم، وسكنى للطلبة والسقاية، وكان بناؤها عام 840هـ، كما استكمل الدراسة المنتصرية التي شرع في بنائها سلفه أبوعبد الله محمد المنتصر بالله، واهتم بالكتاتيب، وبنى ثلاث مدارس لقراءة القرآن، واحدة قبلي الجامع الأعظم، واثنتين بباب المنارة.
وفي الإطار نفسه أسس محطة بجامع الزيتونة، وجعلها مفتوحة أمام المستفيدين، وجعل عليها موظفين، وكذلك اهتمامه بالمنشآت المائية من أسبلة وميضات، ومن بينها بناء ميضة للوضوء والطهارة شمالي جامع الزيتونة.
المصدر: وكالات