التأكيد على انخراط المغرب في سياسة وطنية رائدة للهجرة مبنية على التضامن مع المهاجرين

تم بالقاهرة، خلال أشغال المؤتمر الإقليمي الثاني لبرنامج “من أجل مقاربة شاملة لحوكمة هجرة اليد العاملة وتنقل العمال في شمال أفريقيا” (30-31 يناير)، التأكيد على انخراط المغرب، بفضل التوجيهات السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، في سياسة وطنية رائدة للهجرة، مبنية على التضامن مع المهاجرين، ولاسيما من إفريقيا جنوب الصحراء.

ففي كلمة بالمناسبة، أكد الكاتب العام بالنيابة لوزارة الإدماج الاقتصادي والمقاولة الصغرى والتشغيل والكفاءات، كمال هشومي، أن هذه السياسة تندرج في إطار تجسيد فعلي للتعاون والشراكة جنوب-جنوب، مذكرا في هذا الصدد بأن المغرب اعتمد إجراءات استثنائية لتسوية وضعية المهاجرين غير القانونيين، مما حول المملكة من بلد عبور إلى بلد استقرار بالنسبة لأعداد كبيرة من المهاجرين.

وأبرز أن للمغرب “حضورا محترما وفق تصور متقدم بفضل الرعاية الملكية النيرة ، تجعل تجربته في تدبير الهجرة الوافدة محط اهتمام وحالة للدرس”.

وتابع أن المملكة المغربية، بالتزاماتها الدولية والإقليمية، “تنظر إلى مسألة الهجرة الوافدة بمثابة فرصة تؤهل من خلالها العنصر البشري الوافد عليها حتى يكون مفيدا للمجتمع المغربي في مختلف متطلباته، ويكون مفيدا لبلده الأصلي من خلال الانصهار والتأقلم ونقل الخبرة والإمكانات المحصل عليها ماديا ومعنويا إلى البلدان الأصلية.

وسجل أن نفس الشيء ينطبق على المغاربة الذين يتوجهون للعمل خارج المملكة، “فهم يشكلون أولوية قصوى لدى الحكومة المغربية التي تكلفت بتدريسهم وتأهيلهم حتى يكونوا خير سفراء لبلدهم وخير معينين ومتعاونين مع البلدان المستقبلة، وفق رؤية متكاملة ثقافيا واقتصاديا واجتماعيا”.

وأكد كمال هشومي على ضرورة معالجة ظاهرة الهجرة بشكل مستمر، وذلك بمختلف مكوناتها سيما فيما يتعلق بالتنقل، والتعليم، والتدريب والمعرفة، بما يكفل إرساء حكامة مشتركة للهجرة، ترتكز على مفاهيم وأسس متجددة ومتفاعلة، تجعل منها مصدرا للاستثمار في الرأسمال البشري، وتطوير الاقتصاد وخلق الثروات المادية واللامادية، وليس مصدر تهديد أمني وإرباك اقتصادي واجتماعي للدول المعنية.

ومن هذه المنطلقات، يضيف المتحدث، فإن برنامج “من أجل مقاربة شاملة لحوكمة هجرة اليد العاملة وتنقل العمال في شمال أفريقيا”، يشكل فرصة من أجل تعبئة كل أشكال الدعم لضمان تدبير أفضل لهجرة اليد العاملة، انطلاقا من تثمين المكاسب المنجزة وطنيا وتسليط الضوء على الدور الاستراتيجي لمثل هذه الشراكات في إطار التعاون شمال – جنوب، دون إغفال التعاون جنوب – جنوب الذي يشكل حجر الزاوية في هذا المجال.

واعتبر في هذا الاطار أن التوجه نحو إلتقائية برامج التعاون الدولي وإنجاحها فيما يخص مجال الأهداف والضوابط العامة للهجرة ، ضرورة ملحة عبر اعتماد سياسات وبرامج مشتركة موجهة إلى التعاون جنوب – جنوب ومرتبطة بالتعاون شمال – جنوب، بناء على الارتباط العضوي، يلعب فيه التعاون الدولي النوعي دورا استراتيجيا من أجل تعزيز التكامل الإقليمي والاستقرار السياسي والازدهار الاقتصادي والاجتماعي للبلدان المعنية في إطار شراكة رابح رابح رابح وترسيخ سياسة الهجرة النظامية الآمنة والقانونية لتنقل اليد العاملة كوسيلة للحد من الهجرة غير الشرعية.

وقال إن الهجرة اليوم تتميز بتنوعها وحيويتها حيث أصبحت تدفقاتها معولمة من خلال وجهات الهجرة الجديدة وتنوع ظهور تخصصات جديدة للمهاجرين مما يطرح تحديات ورهانات جسيمة على مستوى التدبير والحكامة، ليس فقط على صعيد الدول المصدرة أو المستقبلة لها، بل كذلك على دول العبور بحكم موقعها الجغرافي مما يستوجب الاستمرار في بلورة مقاربة شاملة تستوعب هذه الأوضاع وفق رؤية مشتركة على المستويين الدولي والإقليمي، ت عنى بالهجرة كجزء أساسي من معادلات التنمية.

وخلص كمال هشومي إلى أنه لضمان تدبير أمثل للإشكاليات المرتبطة بتدفقات الهجرة وتشجيع الاندماج الاقتصادي والاجتماعي للمهاجرين مع التقيد بالمعايير الدولية ذات الصلة، لا بد من تعزيز ب عد التعاون الدولي التضامني على مستوى سياسات الهجرة بين دول المصدر والعبور والمقصد؛ وتعبئة المزيد من الخبرات والدعم على مستوى المنظمات الدولية المعنية؛ وتحفيز الحوار الاجتماعي على المستوى الدولي والإقليمي من أجل وضع استراتيجية تضامنية في مجال هجرة العمالة الإفريقية؛ ودعم خلق الآليات المالية لفائدة المهاجرين في وضعية نظامية بهدف تمويل مشاريعهم في بلدانهم في إطار تنظيم عودة العمال إلى بلدانهم الأصلية مع الاحتفاظ بمزاياهم المكتسبة في البلدان المضيفة، لا سيما في مجال الضمان الاجتماعي.

ويمثل المغرب في أشغال هذا المؤتمر وفد من وزارة الإدماج الاقتصادي والمقاولة الصغرى والتشغيل والكفاءات، ويضم كذلك المدير العام للوكالة الوطنية لإنعاش التشغيل والكفاءات، نورر الدين بن خليل ، وممثلين عن نقابات الاتحاد العام للشغالين بالمغرب والاتحاد المغربي للشغل والكنفدرالية الديمقراطية للشغل والاتحاد العام لمقاولات المغرب.

ويهدف المؤتمر الإقليمي المنظم على مدى يومين تحت شعار “برامج تنق ل اليد العاملة بين شمال إفريقيا وأوروبا: حان الوقت لاستخلاص الدروس وبناء شراكات ومهارات جدد” بحضور 250 مشارك ا من دول شمال أفريقيا وأوروبا، إلى جمع متخذى القرار والفاعلين الرئيسيين من المنطقتين للتدبر بشأن المكونات الاستراتيجية والتشغيلية الرئيسية لتعزيز هجرة اليد العاملة وشراكات تنقل العمال.

يذكر، أن برنامج “THAMM” هو برنامج للتعاون الدولي بدأ في 2019 ويبلغ إجمالي تمويله 35 مليون يورو، ويغطى ثلاث بلدان شريكة (مصر والمغرب وتونس)، ويشارك فى تنفيذه كل من منظمة العمل الدولية، المنظمة الدولية للهجرة، الوكالة الألمانية للتعاون الدولي، وكالة التنمية البلجيكية، المكتب الفرنسي للهجرة والاندماج، المنظمون للمؤتمر بشكل مشترك.

ويمول هذا البرنامج في إطار نافذة شمال أفريقيا من الصندوق الائتمانى الأوروبي للطوارىء من أجل أفريقيا (EUTF) عن طريق الاتحاد الأوروبي، مع تمويل مشترك من جانب الوزارة الفيدرالية الألمانية للتعاون الاقتصادي والتنمية.

وفي السنة الرابعة من تنفيذه، يعتمد البرنامج نهج ا شاملا صوب هجرة اليد العاملة، يتضمن ب عدا فنيا يرتبط بأطر الحكامة، والاعتراف بالمهارات والتأهيل، والبيانات الإحصائية ونظم المعلومات، إضافة إلى ما يتعلق بالمستفيدين النهائيين حيث يدعم البرنامج دمج العمال الأجانب في أسواق العمل في شمال أفريقيا وتقديم المساعدة للعمال الوطنيين الذين يسعون للعمل بالخارج فى أوروبا.

ويدعم البرنامج أيضا، برامج تنقل اليد العاملة التجريبية التي تنفذ من خلال كل من الوكالة الألمانية للتعاون الدولى، ووكالة التنمية البلجيكية، والمكتب الفرنسي للهجرة والاندماج.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.