بنزاكور: الهجوم على المرأة الموظفة يشعل فتيل الفتنة ويهدد التوازن الاجتماعي
تشهد مواقع التواصل الاجتماعي وتحديدا فايسبوك دينامية غريبة خلال الأيام القليلة الماضية، بفعل إنشاء مجموعة فايسبوكية مفتوحة للعموم تحت عنوان “مغاربة ضد الزواج بالموظفات”.
وخلف إنشاء هذه المجموعة ردود فعل متباينة، بين رافض لهذه الحملة وبين مشيد بها، لكن هذا التباين لا يمنع التوافد بأعداد مهمة على هذه المجموعة، والتي حققت في أقل من 24 ساعة عن إنشائها 17 ألف عضو، لينتقل بعد ذلك في أقل من 48 ساعة إلى 55 ألف عضو.
وتتجه أغلبية المنشورات في هذه المجموعة إلى اعتبار أن جميع النساء الموظفات “متاحات ومباحات” لزملائهن في العمل، وهو ما يعد طعنا في شرف هذه الفئة، فضلا عن الترويج لكون مفهوم “الاستقلال المادي وبناء الذات” هو سبب الشرور وأصل قضايا الطلاق في المغرب، وأن المرأة الموظفة لا تصلح لبناء أسرة.
وفي هذا السياق، قال محسن بنزاكور، أستاذ علم النفس الاجتماعي، إن مثل هذه المجموعات أو المجموعات التي تدعوا إلى الانتصار للمرأة بشكل متطرف تسعى إلى خلق نوع من الانشقاق داخل المجتمع المغربي لصالح هذا التيار أو ذاك، مؤكدا أن أول ما يجب أن نتصدى له هو التمييز، سواء كان ذكوريا أو أنثويا، “نحن مجتمع ذو فكر متعدد ومتنوع، فلا يجب أن نقتل هذا التعدد، وإن كانت الديكتاتورية ممنوعة عن مؤسسات الدولة، فالأولى أن تكون ممنوعة في المجتمع”.
وأضاف بنزاكور، في تصريحه لجريدة “جهات” الإلكترونية، أن مسألة اختيار امرأة موظفة من عدمها هي اختيارات فردية، ويجب أن تتم بين الشريكين قبل الدخول في مؤسسة الزواج، دون أن يتحول الأمر لمحاكمة طرف لآخر، ووصف المرأة الموظفة بأوصاف تحط من كرامتها، مشيرا إلى أن الإشكال الأساسي صادر عن سوء فهم مفهوم الزيجة، “لم نستطع الخروج من أنانية الفرد ونتجاوز مفهوم العزوبة وندخل في مفهوم الزواج، أي أننا اثنان في اتخاذ القرار، وهذا القرار يجب أن يكون قبلي، وأن يتم التفاوض قبلا عن الصورة التي نريدها لهذه الزيجة”.
وتابع أستاذ علم النفس الاجتماعي قائلا: ” إن احتقار المرأة لأنها موظفة يجب تجاوزه، فهذه اختيارات وقناعات لابد من احترامها، ويجب أن يكون الهدف منها هو بناء مجتمع قادر على انشاء أجيال مؤمنة بوطنيتها، بكفاءتها، وبانفتاحها على المستقبل في إطار التوازن النفسي والاندماج الاجتماعي”، مشددا على أن الخطير في ما تتداوله هذه المجموعة هو التحريض ضد المرأة الموظفة، واتهامها في أخلاقها ومشاعرها، في اشارة إلى أنها “متاحة لزملائها في العمل”، بل أكثر من ذلك اتهام للرجل بالتحرش بها، وهو ما يجعل هذا الخطاب طعنا في المغاربة بشكل عام”.
وأكد بنزاكور أن مثل هذه التصرفات هي تصرفات طائشة فيها نوع من التطرف الفكري، واستغلال لمعاناة بعض الأسر، “لأنه بالفعل المرأة والرجل الآن لم يصلا بعد لمرحلة الاتفاق حول تسيير أمور البيت، وهو ما ينجم عنه نوع من سوء التوازن في تحمل تبعات البيت عند خروج المرأة للعمل، بحيث يكون ثقل المهام على المرأة، لأن العقلية السائدة لا تزال ذكورية”، مشيرا إلى أن هذا التحريض ضد المرأة الموظفة بشكل متطرف، واعتبارها عديمة الأخلاق أو أنها غير صالحة للزواج يرفضه أي عقل متوازن”.
وأبرز بنزاكور أهمية التمكين الاقتصادي للمرأة قائلا: “إن التمكين الاقتصادي للذكر أو الأثنى هو سبب قوة الشخصية، فقد أثبتت الأحداث أنه بعد غياب المروءة والمسؤولية أصبح غياب الاستقلال المادي وسيلة للاهانة ولتعليق المرأة بسبب انها غير كفءة على المستوى المادي – ليس لديها مكان تلتجئ اليه، لا يمكنها العودة لمنزل والديها سأقوم بأي شيء أريده وستخضع- مؤكدا أن ما يجب أن يفهمه الناس هو أن أساس رغبة المرأة في الاستقلال المادي والوظيفة غذتها سلوكات الرجل التي فيها إهانة واحتقار لها وعدم فهم مسؤولية الرجل الذي اختار أن تكون زوجته ربة بيت، حيث لا يحترمها ولا يقدر تضحياتها، ولا يعتبر ما تقوم به عملا.