ما الذي باستطاعة المغرب فعله أمام شبح فقدان الأمن الغذائي بفعل الجفاف؟

في ظل موجة الجفاف الشديدة التي يعيشها المغرب، بفعل التغير المناخي العالمي، يطرح سؤال الأمن الغذائي نفسه بشدة، خاصة بعد الارتفاع الكبير لفاتورة استيراد الحبوب، تحت تأثير المنافسة والطلب الدولي المتصاعد.

فلشراء القمح والشعير وحده، أنفق المغرب ما يزيد عن 23 مليار درهم في نهاية شتنبر الماضي، وهو ما يمثل زيادة إجمالية بنسبة 53٪ في الواردات، وخاصة من الأسواق الأوروبية، وعلى رأسها فرنسا؛ حيث تعزى هذه الزيادة في حجم الواردات جزئيا إلى فشل محاصيل الفلاحة المغاربة في السنوات المنصرمة.

لقد أدى نقص المياه إلى انخفاض محصول الحبوب في المغرب بنسبة 67٪ خلال هذه السنة، ويقدر هذا الانخفاض بـ 3.4 مليون طن، حيث سجل القمح الطري تراجعا ب1.89 مليون طن.

أما فيما يتعلق بالزيادة في التكلفة الفعلية للمشتريات في الخارج، فبالإضافة إلى حجم المنتجات المستوردة، يعزى ذلك إلى زيادة أسعار عدد معين من المنتجات في السوق الدولية، ولا سيما بفعل تداعيات الحرب الروسية – الأوكرانية وارتفاع تكلفة الشحن باستمرار.

صورة تبرز مدى صعوبة اعتماد المغرب على تأمين أمنه الغذائي من خلال السوق الدولية، حيث إن مستوى الأسهم الوطنية، التي يمكن أن تغذي المملكة لبضعة أشهر أخرى، ليس مطمئنا أبدًا، إلا أن المستوى الحالي للحبوب في المغرب يمكن أن يضمن استهلاك المغاربة حتى نهاية عام 2023، وفق ما أورده سابقا اتحاد مهني أنشطة الحبوب (FIAC)، حيث استورد المغرب 800.000 طنًا من الحبوب في يوليو الماضي، و 600.000 طنًا في شتنبر، و400.000 طنًا في أكتوبر.

إن ما يثير القلق هو جو انعدام اليقين الذي لا يزال يخيم على الجغرافيا السياسية العالمية، التي تعيش على إيقاع الحرب الروسية الأوكرانية، فهي حرب ذات أفق غير واضح يمكن أن تؤثر سلبًا على شحنات الحبوب من أوكرانيا.

فإذا كانت روسيا، التي ظلت مترددة في الاستمرار في ضمان مرور السفن من الموانئ الأوكرانية، قد تراجعت مؤخرًا عن قرارها، فإن التهديد بفرض حصار جديد على هذه السلع الأساسية لملايين الأشخاص في شمال إفريقيا لا يزال يلوح في الأفق، إلا أن المغرب لا يعتمد بشكل مباشر على الأسواق الروسية والأوكرانيية.

إن تأخر هطول الأمطار إلى حدود الساعة يمكن أن يؤدي إلى حصاد آخر سيئ، وهو ما سيزيد اعتماد المغرب على الحبوب المستوردة، وفي مواجهة هذه الحالة، ترتفع أصوات ومنظمات عديدة للتأكيد على حاجة البلد إلى ضمان السيادة الغذائية، لا سيما فيما يتعلق بالحبوب.

ووفقا للمجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي (EESC)، هناك حاجة مطلقة للتحول الشامل للنظام الإيكولوجي الزراعي بالمغرب، نظرا لحالات الجفاف المتكررة التي تهدد الإنتاج الزراعي والأمن الغذائي في البلد، وتغذي اعتمادها على الواردات الغذائية، كما تضعف حالة سكان البوادي والقرى الذين يعتمدون اعتمادا كبيرا على الأنشطة الزراعية.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.