مراكز حماية الطفولة… عين على المستتر!
تعد مراكز الطفولة من المؤسسات الحيوية التي تعنى بالأطفال في نزاع مع القانون وكذلك الأطفال في وضعية صعبة، وتتمثل مهامها في ضمان إعادة التربية وإدماج الأحداث المودعين بها، لكن هل تنجح هذه المراكز في القيام بالمهام المنوطة بها.. أم على العكس من ذلك، تمثل بؤرا للتجاوزات القانونية والأخلاقية؟؟
يقدر عدد الأطفال المودعين بمراكز الرعاية ب100000 طفل وفق ورقة بحثية أنجزها حزب الأصالة والمعاصرة في دجنبر 2021، وهو رقم كبير يعكس شساعة هذه الفئة الهشة التي تحتاج لرعاية وتأطير مستمر، بالإضافة إلى مراقبة كفيلة بضمان حقوقهم، ولعل القضية التي تم تفجيرها في الآونة الأخيرة، والمتعلقة بمركز حماية الطفولة بمراكش، حيث وجهت تهم من قبيل التحرش الجنسي والاستغلال والاتجار في البشر، لمديرة هذا المركز، تجعلنا نقف بالملموس على ضرورة كشف النقاب عن الوضع داخل هذه المؤسسات السوسيوتربوية.
في هذا السياق، اعتبرت حسناء حجيب، المسؤولة وطنيا عن الحقوق الاجتماعية بالهيئة المغربية للعدالة الاجتماعية وحقوق الإنسان، أن مجموعة من المراكز الخاصة برعاية وحماية الطفولة تفتقد للحد الأدنى من معايير السلامة، وتمثل فضاء خصبا لانتقال الأمراض ولسوء التغذية ولانعدام الرعاية الصحية، مؤكدة أن المرافق الصحية في أغلب هذه المؤسسات سيئة، كما أن الطاقة الاستيعابية لا تكفي لاحتواء جميع الحالات، وهو ما يسبب حالة من الاكتظاظ، تسفر عن إيداع الأطفال بدون تصنيف قائم على السن أو سبب الإيداع.
وأشارت حسناء حجيب، في تصريحها لجريدة “جهات” الإلكترونية، إلى أن الأطفال الذين يتم إيداعهم في هذه المراكز يكونون في حالة جد هشة سواء اجتماعيا أو نفسيا، فضلا عن كون فئة عريضة منهم مدمنون على المخدرات، وهو ما يستدعي أن يكون العاملون بهذه المراكز مختصين في علاج الإدمان والمواكبة النفسية، مضيفة أن عدم خلق جو الأمان داخل المركز وغياب برامج محبكة لإعادة تأهيلهم وإخراجهم الى المجتمع، يجعلها تعيد إنتاج نفس الشباب المهمش.
وكشفت حسناء أن صيغ المراقبة المعتمدة حاليا لا تفي بالغرض، حيث تستلزم المراقبة الحقة عنصر المفاجأة للمراكز، فضلا عن التجول في كافة مصالحها، مشيرة إلى أنه على العكس من ذلك يتحكم مسيروا المراكز في النقط التي سيطالها التفتيش، وهو ما يجعل هذه المراقبة دون جدوى.
فضلا عن كل هذا، فمجال حماية الطفولة مجال يحتاج إلى تكوين مستمر، وهو ما يغيب على أرض الواقع، وفق ذات المتحدثة، كما أن أغلب العاملين بهذه المراكز غير متوفرين على تكوين ملائم في تقنيات الاستماع والدعم النفسي-االجتماعي، حيث يقتصر تكوينهم على المعارف الأساسية التي يتلقونها بالمركز الملكي لتكوين الأطر، وبعض حلقات التكوين المستمر، والتي لا تمكنهم من اكتساب الكفايات االازمة لهذا المجال.
ذات الأمر كشفه تقرير المجلس الوطني لحقوق الإنسان، في تقرير له سنة 2013، فمجمل المراكز تشكو من نقص مزمن في المؤطرين، حيث إن عددهم ضعيف جدا مقارنة مع أعداد الأطفال اللازم التكفل بهم على مدار الساعات والأيام والأسابيع، كما أن هناك نقص حاد في عدد أعوان الخدمة (طباخون، عمال النظافة) حيث يضطر الأطفال في بعض المراكز للقيام بالأشغال المنزلية.
هذا دون أن نتحدث عن التجاوزات التي تطال العديد من الأطفال، حيث كشفت عدة شهادات من داخل هذه المراكز أن الأطفال يتعرضون للتعنيف اللفظي والجسدي والنفسي، سواء فيما بينهم أو من قبل الأطر، بالإضافة إلى التحرش الجنسي والاستغلال وكذا الاتجار في البشر… ما يجعلنا أمام إعادة إنتاج فئة هشة، بل أكثر هشاشة من ذي قبل.