د.خمري: الخطاب الملكي يضع الماء والاستثمار في قلب التوجيهات السامية
ارتكز الخطاب الملكي بمناسبة افتتاح الدورة البرلمانية عشية أمس الجمعة على ركيزتين أساسيتين تشكلان صلب الأولويات الوطنية خلال هذه الفترة، والمتمثلة في تدبير المياه مع مشكل الجفاف الحالي، بالإضافة إلى تشجيع الاستثمار.
وفي هذا السياق، قال سعيد خمري، رئيس المركز الديمقراطي المغربي للدراسات والأبحاث، إن الماء أضحى اليوم مشكلا حقيقيا يمس ليس فقط التنمية بصفة عامة، وإنما تتوقف عليه حياة الإنسان، مؤكدا أن هذه المسألة وكما جاءت في الخطاب الملكي لا تهم المغرب وحده بل بلدان العالم بسبب التغيرات المناخية، “لذلك فالخطاب الملكي يوصي ويوجه الحكومة والبرلمان إلى العمل على الاهتمام جيدا بهذه المسألة”.
وأوضح خمري، في تصريحه لجريدة “جهات” الإلكترونية أن اهتمام المملكة بالماء ليس وليد اللحظة، حيث بدأ منذ سياسة بناء السدود مع الملك الراحل الحسن الثاني، وهي ذات السياسة التي استمرت مع عهد الملك محمد السادس، “وهو ما مكن المغرب من تجنب كوارث كبرى كانت لتحل به لولا هذه الاستراتيجية”، مضيفا أن المغرب اشتغل أيضا على توفير المياه من خلال استثماره في مشاريع لتحلية مياه البحر ومشاريع حيوية أخرى.
وأكد رئيس المركز الديمقراطي المغربي أن التوجيهات الملكية لا تروم الانطلاق من الصفر في مجال الماء، بل جاءت لتقف عند ضرورة مواصلة هذه الاسترتييجة بمشاركة مختلف الفاعلين المتدخلين، مشيرا إلى أن الدولة في عملها على حسن تدبير المياه سجلت مشاكل قطاعية عديدة ترجع بالأساس إلى غياب التدبير العقلاني لهذا العنصر الحيوي.
وواصل خمري تحليله للخطاب الملكي قائلا إن “الأمور أصبحت واضحة ولم يعد هناك هامش لتضييع هذه المادة الحيوية، ليس للاقتصاد فقط بل لعيش المواطنين. وبالتالي فالاستراتيجية الملكية تقوم على التحفيز على المبادرات وعلى المبادرات الابداعية في هذا المجال، وعلى توظيف واستعمال التكنولوجيا الحديثة فيما يخص التدبير العقلاني للماء؛ وهذا من شأنه أن يجعل المغرب في مصاف الدول التي لها استراتيجية واضحة في تدبير وتوفير الماء، ونحن نعلم أننا مع هذه الحكومة لدينا وزارة خاصة بالماء، وهذا في حد ذاته يعكس اهتمام الدولة المغربية وعلى رأسها جلالة الملك بهذا العنصر الحيوي للعيش والتنمية الانسانية”.
وإلى جانب المستوى الفوقي للاهتمام بالماء، فقد تضمن الخطاب الملكي دعوة كذلك لترشيد استعمال المياه من قبل المواطنين والادارات العمومية بالخصوص “والتي يجب أن تكون القدوة في هذا الباب”، وفق ذات المتحدث.
وفي مستوى ثاني، تطرق المحلل السياسي إلى الشق الثاني من الخطاب الملكي، والمرتبط بالأساس بالتركيز على الاستثمار، مشيرا إلى أن “جلالة الملك يؤكد على ضرورة تهيئة المناخ وتهيئة الأرضية الاقتصادية والاجتماعية والقانونية من أجل انعاش الاستثمار المحلي والأجنبي، وتحفيز المقاولات على المساهمة في بناء الاقتصاد انطلاقا من تمكينها من فرص مواتية، من أجل الربح وفي نفس الوقت المساهمة في التنمية الاقتصادية والاحتماعية للبلاد”.
ويضيف خمري أن المغرب منذ جائحة كورونا وتبعاتها الاقتصادية والاجتماعية وطنيا ودوليا، عمل على نهج سياسة اجتماعية قوامها بناء الدولة الاجتماعية التي تحمي مواطنيها، وتوفر لهم الخدمات الاجتماعية الأساسية من تعليم وصحة وسكن، “وقد بدأ بالفعل بترجمة هذه الاستراتيجية بناء على قوانين وقرارات وخطط تتعلق بإعادة إنعاش وبعث الحوار الاجتماعي مع الفرقاء ومن بينهم النقابات الأكثر تمثيلية وكذلك أرباب العمل”، مؤكدا أن الاستثمار دعامة أساسية لتحقيق التنمية الاقتصادية والتي بها يمكن تحقيق التنمية الاجتماعية.
ولتحقيق هذا الجانب، أشار خمري إلى أن “جلالة الملك ركز على العمل الذي تقوم به ويمكن أن تقوم به المراكز الجهوية للاستثمار، من أجل توفير المناخ الجيد، وتسهيل توفير المعلومة على الذين يريدون الاستثمار سواء مغاربة أو أجانب، وكذلك فتح المجال أمام الجالية المغربية بالخارج من أجل أن تشارك في بناء التنمية بالمغرب”، فضلا عن أهمية الالتزام بسياسة اللاتمركز واللامركزية في دعم الاستثمار؛ “فالجماعات الترابية لها دور كذلك في المساهمة في الاستثمار وفي توفير الظروف والشروط والمناخ الملائم، إلى جانب المصالح الخارجية للوزارات المكلفة بتنزيل كل خطط الحكومة على المستوى المحلي من أجل توفير شروط ملائمة للاستثمار”.