في ظل الجفاف… أي سبل لاستفادة أكثر من مياه الأمطار؟
لا يخفى على أحد ظرفية الجفاف التي يعاني منها المغرب حاليا، والتي خلفت تراجعا كبيرا في حقينة السدود الوطنية، انعكست خاصة على الساكنة القروية من حيث استخدام المياه.
وتمثل موجة الأمطار التي تعرفها المملكة حاليا فرصة ليلتقط المواطنون أنفاسهم، آملين في موسم شتوي زاخر، لكنها في الآن ذاته تسائل إمكانيات الاستفادة منها إلى أقصى الحدود، خاصة الأمطار المتساقطة داخل المدن، والتي يكون مصيرها في أغلب االأحيان مجاري الصرف الصحي، لتختلط بالمياه العادمة.
هذا وتعمل الكثير من بلدان العالم على استغلال مياه الأمطار بتقنيات وإجراءات مختلفة، نذكر منها التجربة اليابانية، حيث تعتمد طوكيو على تجميع وحصد مياه الأمطار من أجل تجنب نقص إمدادات المياه، وتوفيرها في حالات الطوارئ، وفي السيطرة على الفيضانات؛ وكذلك الأمر في أستراليا، حيث تمتد خزانات مياه الأمطار بجوار كل منزل.
أما سنغافورة فتمثل نموذجا مفصلا لهذه التجربة، إذ يعتمد هذا البلد الصغير عل استخدام أسطح المنازل لتخزين كميات المياه في خزانات، ومن تم استخدامها في المهام اليومية، ويتمثل النظام الأكثر تعقيدا لهذه العملية في مطار «شانجي»، حيث يجمع النظام مياه الأمطار ويعالجها ويقوم بتخزينها في اثنين من الخزانات الكبيرة، وتمثل هذه الكمية من المياه من 28 إلى 33 بالمئة من إجمالي المياه المستخدمة في المطار.
وتوفر هذه البنية التحتية للمطار أكثر من 275 ألف دولار سنويًّا، لاستخدامات المياه التي لا تتضمن الشرب، مثل المراحيض والمياه المستخدمة لمكافحة الحرائق.
وفي هذا السياق، قال محمد بنعبو، خبير في المناخ والتنمية المستدامة، إن “هذه التقنية يمكن الإشتغال بها في المؤسسات نظرا لمساحاتها الشاسعة، حيث يمكن أن نبني خزانات تحت أرضية لأجل تخزين مياه الأمطار وإعادة استخدامها”، مؤكدا أنه بالمقابل يجب ضمان الإطار القانوني لهذه العملية، نظرا لما قد تحمله مياه الأمطار المجمعة من مشاكل من حيث جودتها.
وأكد الخبير البيئي، في تصريحه لجريدة “جهات” الإلكترونية، أن هذه العملية ذات أهمية كبرى في حال تطبيقها بالمغرب في المؤسسات والأماكن العمومية والمطارات ومحطات القطار، مشيرا إلى ضرورة الحرص في ذات الآن على معالجة هذه المياه كي تحترم معايير الصحة والسلامة، “خاصة أن المياه قد تحمل العديد من الكائنات الميكرووسكوبية التي قد تصيب مستخدمها بأمراض”.
ويضيف ذات المتحدث أن المغرب رغم توفره على 159 محطة لإعادة تدوير المياه العادمة، إلا أن هناك محطات قليلة تقوم بعملية معالجة هذه المياه لأجل سقي المساحات الخضراء، مشيرا إلى أن ما قد يعترض هذه التقنة كذلك هو معالجة المياه، “وإذا تم حل هذا الجانب يمكن الإنتقال إلى عملية التحزين”.
وأوضح بنعبو أن هذه العملية تتم في المغرب على مستوى العالم القروي، “حيث يتم جمع المياه لتوفيرها لرعاة الغنم مثلا في فترة الجفاف، حيث تعمل الساكنة على بناء خزان أرضي أو نصف أرضي في واجهة الشعب المائية فيتم ملؤها، مما يجعل هذه الخزان مورد أساسي لرعاة الغنم”.
ويضيف المتحدث أن هناك تجارب في هذا الصدد مثل تجربة سكان سيدي افني وتزنيت، حيث يقومون بتجميع المياه داخل “مطفيات” بالمنازل أو في المساجد، يلجؤون لها في حال وجود مشكل في التزود بالماء الصالح للشرب.
ولأجل سلامتهم، يعمل أهل الجنوب، وفق ذات المصدر على تنظيف سطح البيوت كي تصبح جاهزة لاستقبال الأمطار، ثم يقومون بتصفية المياه المجمعة واستخدامها.