“طوطو” ضحية أيضا.. اتركوه ليقول المزيد

حوَّل اسمه من “طه” إلى “طوطو”، احتفت به المنابر الاعلامية، واستقبل ضيفا رئيسا في حلقة “رشيد شو” على القناة الثانية المغربية، تعرف عليه ملايين المغاربة، عرفه الصغير والكبير، احتفى به والده وبارك خطواته واعتبر من الناجحين، وظهر أخوه برفقته في البرنامج بلباس لا يليق أن بظهر في الاعلام الرسمي العمومي، في الوقت الذي يمنع فيه مدراء المدارس دخول التلاميذ للأقسام الدراسية بنفس اللباس، هكذا احتفى اعلامنا بالشاب الناجح “طوطو” واعتبر قدوة ومثالا يحتذى، نال رضى عائلته ورضى الجمهور والاعلام الرسمي.

هذا الشاب احتفت به أيضا وزارة الثقافة والشباب والتواصل في مهرجان الرباط عاصمة الثقافة الافريقية، رفعته في منصاتها وقدمته للشباب والمراهقين، فانهال عليهم وعلى الوزارة بما جادت به قريحته من عبارات نابية وكلام فاحش، وسط الصدمة تعالت صيحات المراهقين واليافعين والأطفال، وكأن لسان حالهم يقول “نعم هذا هو مجتمعنا وهادي لغتنا وتعابيرنا صارت مسموحة اليوم وطُبِّع معها”.

الوزارة التزمت الصمت، تعض شفتها، لكن الحكومة استنكرت ما سمعه المغاربة، ولو أنه أصبح معتادا لديهم في كل مكان، استنكرت ما جرى على لسان ناطقها الرسمي، واعتبرته كلمات خادشة للحياء، وأمر غير مقبول، وهو ما عبرت عنه أيضا للوزير الشاب، كما أكد السيد الناطق بأنه سيتم العمل على عدم تكرار مثل هذا السلوك وضمان حق المغاربة في الاستمتاع بالفضاء العام في جو يسود فيه الاحترام والأخلاق العامة.

“طوطو” هذا أفصح أيضا عن بعض أسراره، في ندوة صحفية سبقت العرض الموسيقي، حيث أكد أمام كاميرات الصحافة أنه يتعاطى المخدرات، قالها بكل ثقة وانشراح، قالها منتشيا بأحد انجازاته وكأنه يتباهى بمستواه العلمي والأكاديمي، قالها وانتشرت مرة أخرى بمواقع التواصل الاجتماعي، فوصلت لابني كما وصلت أبناءكم، قدوتهم يتعاطى المخدرات رفقة والده وبمباركته، يا إلهي،  ماذا كنا ننتظر من أب يتعاطى المخدرات أمام أبنائه إلا أن يشاركها معهم في كبرهم، إلا ما رحم الله.

هذا التصريح، يعتبر في القانون سيد الأدلة، وهو بالتالي ما يستوجب فتح بحث قضائي مع “طوطو” ووالد “طوطو” وفق فقهاء القانون.

يحدث هذا وسط تراجع كبير في عاداتنا وتقاليدنا، وفي تربيتنا الموروثة أبا عن جد، ف”طوطو” هذا ما هو إلا خريج أسرنا ومجتمعنا ومدارسنا وإعلامنا، تلك بضاعته التي تلقاها، ولا يملك غيرها، قد نعتبره على الأقل لا ينافق نفسه ومجتمعه، ولا يتصنع وضعا غير وضعه، لذا يجب أن نسائل الأسرة والمدرسة ووسائل الاعلام، أما “طوطو” فما هو إلا منتوج لهذه المؤسسات، هو نفسه ضحية لها، قد يكون مذنبا نعم، لكنه ضحية أيضا لا يجب أن نحمله مسؤولية الاخفاقات التنموية للدولة، لا يمكن أن نحمله تراجع تعليمنا وتخلف مناهجنا كما أكد وزير الداخلية، لا يمكن أن نحمله تفاهة إعلامنا وانعدام الرسالة والأهداف لديه وانسلاخه عن هويتنا المغربية، لا يمكن أن نحمله فساد مؤسساتنا وإداراتنا وتهميش الوازع الأخلاقي في مجتمعنا، لا يمكن أن نحمله تراجع وانعدام دور الأسرة المغربية في تربية أبنائها وتكوين مجتمع التنمية المنشود.

“طوطو” ضحية أيضا وليس “مجرما”، كان بوده أن يعطينا ما هو أحسن، وهو فعلا يظن أنه يعطينا أحسن ما لديه، لا تغطوا الشمس بغربال اخفاقاتكم، ولا تمنعوا “طوطو” من تذكيركم بما فعلته سياساتكم بأمتنا المغربية.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.