بن شريج لـ”جهات”: هندام التلاميذ يمثل تحديا بين الضوابط الإجتماعية وجموح المراهقين

مع كل دخول مدرسي جديد، يطرح نقاش معايير تحديد الزي المدرسي للواجهة، مثيرا بذلك آراء متباينة بين من يرى ضرورة توحيده درء للتمايز الاجتماعي في صفوف التلاميذ، ومن يرى أنه مجال للحرية وللتعبير عن الذات، بحيث يجب أن يترك فيه حيز كبير من الاختيار.

وتميز النقاش المطروح هذه السنة حول الزي المدرسي، بموجة غضب عارمة عقب حضور الممثل الإسباني “روبيرتو غارسيا رويز” إلى مدرسة عمومية بمدينة شفشاون، وهو يرتدي قميصا قصير الأكمام و”شورت” يكشفان عن والوشوم والرسومات التي تطال جسمه، إلى جانب حلاقته وحلقات الأذن.

ولقد أججت الزيارة المذكورة غضب الكثير من المغاربة عبر مواقع التواصل الاجتماعي، معتبرين أن استضافة ممثل أجنبي بهذا الهندام والوشوم يُعد انتهاكا لحرمة وخصوصيات المؤسسات التعليمية، وهو ما يكشف تناقضا صارخا بين النموذج النظري لمنظومة التعليم والقدوة الواقعية.

وفي هذا السياق، قال الخبير التربوي، عبد الرزاق بن شريج، “إن الحديث عن الهندام بصفة عامة، والمقصود هنا هو حُسْن المظهر واعتداله وتنظيم الملابس يخضع لتصور المجتمع، ويختلف باختلاف المجتمعات، فما يعتبر غير مقبول في مجتمع قد يدل عن الوطنية في بلد آخر”، مؤكدا أن أي خروج عن التصور العام للمجتمع يعد غير مقبول، وفي أضعف الحالات يمثل نشازا.

وفي ارتباط بالزي المدرسي، أبرز بن شريج، في تصريحه لجريدة “جهات” الإلكترونية، أن الوزارة تنظم هذا المجال، مشيرا إلى المذكرات الوزارية بهذا الشأن والتي تهدف إلى “ترسيخ مبادئ المساواة بين التلميذات والتلاميذ، وتقوية روح الانتماء للمدرسة، وخلق فضاء تربوي منسجم في مظهره الخارجي، ومعبر عن هوية مشتركة” مع مراعاة الاختلافات الثقافية الإقليمية والجهوية للمملكة.

وتنص المذكرة الوزارية 17/94 على تحديد زي موحد مع ترك حق اختيار نوع اللباس المناسب للمنطقة الجغرافية لمجالس التدبير، حيث يخول الإشراف لكل مؤسسة تعليمية في “تحديد مواصفات اللباس الموحد (اللون، نوعية القماش، التصميم، …) بما يراعي الخصوصيات المحلية، والإمكانات المادية لساكنة كل منطقة؛ على أساس أنه يمكن اعتماد “الوزرة المدرسية” في أدنى الحالات”.

وأضاف الخبير التربوي، أن “وزارة التربية الوطنية لم تترك أي شيء دون توجيهات أو تعليمات، لكن المعضلة في عدم توفير شروط تلك التعليمات أو التوجيهات، فالوزارة تعمل على إعطاء التعليمات للأكاديميات والمديريات الإقليمية في كل شي، دون اهتمام بمدى إمكانية تطبيقها”، موضحا أن الأمر يتعلق بفئة الشباب الذين يميلون إلى الثورة على كل شيء من أجل إثبات الذات، “وهو ما يدفع الشابات والشباب إلى تقليد ما يرونه في وسائل الإعلام المرئية، وخاصة وسائل التواصل الاجتماعي المفتوحة على مصراعيها”.

وأكد بن شريج ضرورة مراجعة الوزارة “للمناهج والبرامج ومضامين الكتاب المدرسي لمسايرة التطور الحالي وربطه بالهوية دون مغالاة”،  دعايا إلى خلق فضاءات تربوية جديدة مختلفة عما هو عليه اليوم لممارسة مجموعة من الأنشطة المساعدة على تفريغ الطاقات في ما هو إيجابي، “وإلا سيحتاج المراهق(ة) والشاب(ة) إلى تقليد بعض التصرفات غير اللائقة والمشينة”.

فالمسألة بالنسبة لبن شريج ليست مرتبطة بالوقوف مع أو ضد الهندام الخراج عن الثقافة المغربية، بل ترتبط بإيجاد الحلول، “وبالتالي تربية مجتمع مسؤولية حكومة وليست مسؤولية قطاع واحد، فلا نحتاج دراسة متخصص لنبين اليوم للجميع أن المتعلم بعد خروجه من المؤسسة التعليمية لن يجد أمامه سوى الشارع بكل متناقضاته”.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.