المغرب.. موقع تنافس غير معلن بين أمريكا أوروبا والصين

من الواضح أن المغرب، باعتباره بوابة إلى إفريقيا، يثير رغبة المستثمرين الأجانب.

إن الاستقرار السياسي للمغرب، وبنيته التحتية الهائلة مقارنة بدول المنطقة، فضلا عن العمالة الماهرة، والموقع الاستراتيجي مع واجهتين بحريتين وقربهما من أوروبا، يجعل المملكة شريكا موثوقا به.

ولعل هذا هو السبب في أن القوى العالمية، ولا سيما الصين والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، تخوض معركة صامتة لزيادة نفوذها داخل المغرب.

من جهة، عبرت الصين عن تطلعها لزيادة الاستثمارات في المغرب في أكثر من فرصة، وهو الأمر الذي زكته تصريحات سفيرها في المغرب، والذي أعرب عن رغبة بكين في أن تكون مبادرة “طرق الحرير” بابا لتحقيق تنمية غير مسبوقة لإفريقيا عموما، و للمغرب خاصة.

هذا وقد وقّع وزير الشؤون الخارجية المغربي “ناصر بوريطة”، ونائب رئيس لجنة التنمية والإصلاح الصيني “نينغ جي تشه”، في يناير الماضي، عن بعد، على اتفاق التنفيذ المشترك لاتفاق “طريق الحرير”، في مسعى لترجمة المشاريع التي اتفق عليها قبل أربعة أعوام على أرض الواقع.

ويتوقع أن تفتح هذه المبادرة الباب أمام استثمارات واعدة، بما في ذلك 80 مشروعًا قيد التنفيذ في هذا الوقت، فضلا عن تنافس الصين مع فرنسا للحصول على صفقة بناء الخط عالي السرعة الذي يربط مراكش بأكادير.

من جهة أخرى، وعدت أوروبا بتقديم مزيد من الاستثمارات في إطار مشروعها “البوابة العالمية”، والذي يفترض فيه أن يوفر 1.6 مليار يورو من الاستثمارات الموجهة في المقام الأول نحو انتقال الطاقة والرقمنة.

فقد خصصت المفوضية الأوروبية، عقب زيارة رئيستها “أورسولا فون دير لاين” للمغرب مؤخرا، 389 مليون يورو بهدف تمويل برامج التنمية في المملكة، مؤكدة رغبة بروكسيل في “تعزيز الشراكة الأوروبية المغربية من أجل الرخاء المشترك”.

إلى جانب كل هذا، ترى أوروبا في المغرب، البلد الذي يتمتع بإمكانيات كبيرة للطاقة الشمسية والهيدروجين، وموردا مستقبليا للطاقة الخضراء في السنوات القادمة، وهو ما يفسر إنكباب جدول أعمال السفيرة الألمانية، “أنالينا بربوك”، وتركيز المفوضية الأوروبية كذلك على هذا المجال.

علاوة على ذلك، هناك نقطة مشتركة تربط “طرق الحرير” الصينية و “البوابة العالمية” الأوروبية، حيث يدعي كلاهما أنه يقدم شراكة متبادلة المنفعة مع وفرة من الاستثمارات غير المشروطة.

ومن جهة ثالثة، تهتم الولايات المتحدة بشكل متزايد بالمغرب في خضم رغبتها في زيادة نفوذها في إفريقيا، باعتباره ثاني أكبر مستثمر أفريقي في القارة، حيث وعدت واشنطن بتعبئة 3 مليارات دولار لدعم الاستثمار الأجنبي المباشر بالمغرب.

لدى فالمغرب، ولأجل تحقيق تقدم أكثر في المجال الاقتصادي، مطالب بالحفاظ على حضور متوازن لهذه القوى، وهو الأمر الذي يتطلب حرصا شديدا، خاصة لتباين مواقف وآراء المعسكرات الثلاث في قضايا حيوية، من قبيل الأزمة الروسية/الأكرانية، وأزمة تايوان….

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.