هل تحدث الأزمة بين تونس والرباط قطيعة اقتصادية بين البلدين؟

دخلت العلاقات بين المغرب وتونس مرحلة جديدة حبلى بالتساؤلات حول آفاق الاقتصادية بين البلدين على ضوء الأزمة الاقتصادية التي تمر منها الجارة المغاربية، مما يجعل الخبراء في ترقب لخطوات وسياسات المغرب القادمة ردا على فرش قيس السعيد البساط الأحمر لزعيم البوليساريو في قمة” تيكاد8″.

وفي هذا السياق يرى المحلل الاقتصادي عبد العزيز روماني، في تصريح لجريدة “جهات”، أن العلاقات المغربية التونسية هي علاقات لها تاريخ وجذور صنعها أولا الشعب التونسي والمغربي وما حدث في الآونة الأخيرة هو مجرد سحب صيف عابرة بسبب موقف السلطة والنظام الحالي، الذي جاء فقط ليخلخل المشهد السياسي والاقتصادي الحالي.

وأكد الخبير الاقتصادي، أنه بالنظر لمشهد العلاقات العريقة بين الدولتين التي أسست لتعاون اقتصادي، وبأخذ الاعتبار بالوضعية الاقتصادية الهشة التي تمر منها تونس والتي أوصلتها إلى حالة الإفلاس وجعلت أسهم الشركات التونسية تباع بثمن بخس وصل لناقص 50 بالمئة في السوق الدولية فيما يخص أسهم الديون، لا أرى أنه سيقع عليها أي تغيير.

وبخصوص التبادل الاقتصادي الحر، قال روماني أنه سيستمر على ما هو عليه، كذلك والأبناك المغربية المجودة بتونس خاصة أقوى بنك ” التجاري وافا بنك”، فهو سيستمر في العمل دون أي تغيير”.

ونبه الروماني، إلى أن هناك عدد من الدول الإفريقية الأخرى كإثيوبيا ونيجريا وكينيا ربما حتى موريتانيا لها “موقف إما معتدل وإما معترف كليا بالأطروحة الانفصالية ومنحاز للجزائر، وبغض النظر عن ذلك لدينا علاقات معها اقتصادية وتجارية.”

وأضاف، “كما لدينا فيها أبناك تجارية واتفاقيات بيننا وبينها خاصة موريتانيا ونيجيريا، وليس لأنها أحيانا تميل للأطروحة الجزائرية يعني أن المغرب سيعاقبها اقتصاديا”.

وخلص الخبير الاقتصادي، إلى أنه لا مجال أن يصل المغرب مع تونس إلى خطوة العقوبات الاقتصادية، بالعكس فحين تتحسن العلاقات السياسية تتحسن معها العلاقات الاقتصادية كذلك.

 

تاريخ العلاقات الاقتصادية

ترتبط تونس والمغرب بعلاقات تاريخية سياسيًّا واقتصاديًّا، وهي جزء من الروابط الجامعة لكل دول المنطقة، وتعود زمنيًّا إلى عملية التبادل التجاري التي مارستها مدن بلاد المغرب خلال القرن الرابع الهجري/ القرن العاشر الميلادي، وهو القرن الذي اتّسمَ بالانتعاش الاقتصادي من جهة، وبالتنافس والصراع بهدف التحكم في منافذ تجارة الذهب والرقيق والملح من جهة أخرى.

العلاقة والتبادل بين البلدَين خلال تلك الفترة، تحكمت فيهما عوامل أساسية طبيعية وبشرية، حيث لعب موقع بلاد المغرب الجغرافي، الذي يمتدّ على سواحل بحر الروم (البحر الأبيض المتوسط) وبحر المحيط (المحيط الأطلسي) من جهة، واتصاله بالصحراء الكبرى من جهة أخرى؛ دورًا في توفير اتصال تجاري بحري وبرّي واسع مع الكثير من الأقطار المجاورة والبعيدة منه.
مظاهر الآثار الإيجابية للعلاقات تمثلت في تأسيس مدن عديدة كمراكز سياسية واقتصادية، والتي كان لها أثر مهم في حركة النشاط التجاري المحلي والخارجي، ففي إفريقيا أُسِّست المهدية عام 300هـ/ 912م) وأُنشِئت في المغرب الأوسط المسيلة عام 313هـ/ 925م وأشير عام 334هـ/ 945م، وقد كان لكلتا المدينتَين دور مهم في النشاط التجاري، إضافة إلى المسالك البرية والبحرية.

أما في العصر الحديث، فارتبط البلدان باتفاقات مهمة منذ حصولهما على الاستقلال من الاستعمار الفرنسي، شملت جُلَّ المجالات، وعلى وجه الخصوص ميادين النقل البحري والتكوين المهني والشباب والتعليم العالي، وقطاع التصدير، حيث يحتلّ المغرب المرتبة الثالثة مغاربيًّا وعربيًّا من حيث شراكته مع تونس، بحجم تبادل تجاري قُدِّر عام 2017 بـ 8.2 مليار درهم مغربي ، أي ما يساوي 830 مليون دينار تونسي.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.