قلة التساقطات المطرية والسياسة الفلاحية يضعان المغرب أمام أزمة ندرة المياه

أيوب الرماش

يعيش المغرب على وقع أزمة ندرة مياه غير مسبوقة، ترجع أساسا إلى انخفاض معدلات التساقطات المطرية خلال الأعوام الأخيرة، إضافة إلى السياسة الفلاحية المنتهجة على المستوى الوطني خلال العقود الأخيرة.

وتستهلك الفلاحة المغربية التي تعتمد على نظام الري 80 في المائة من مخزون المياه بالمغرب، إضافة إلى اعتمادها (الفلاحة) على عدد من الزراعات التي تستنزف الفرشة المائية، من قبيل البطيخ والأفوكادو وغيرهما من الفواكه التي حذر عدد من الخبراء على مدى سنوات مضت من زراعتهم لما لهم من خطورة على الفرشة المائية.

فبعد أربعة عقود من الاعتماد على سياسة تشييد السدود لضمان الأمن المائي، بدأت الدولة في تنويع برامجها للحد من أزمة ندرة المياه، وإصدار قوانين تضمن الحق في الماء لجميع المواطنين.

 

ناقوس الخطر

وكان المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي المغربي قد دق ناقوس الخطر سنة 2019 من وضعية ندرة المياه، محذرا من احتمال تزايد الوضعية سوءاً مستقبلاً، بسبب النقص الذي تعانيه هذه المادة الحيوية، وأوضح المجلس أن بعض الدراسات الدولية تشير إلى أن تغير المناخ يمكن أن يؤدي إلى فقدان 80 في المائة من الموارد المائية المتوفرة في المملكة خلال 25 عاماً المقبلة، معتبراً أنه على الرغم مـن تناقصها المطرد، فإن الاستهلاك المفرط للموارد المائية لا سيما المياه الجوفية، يتزايد في المغرب، من دون تقيد صارم بما يقتضيه القانون لاستغلال الموارد المائية.

 

إنشاء السدود

وقال وزير التجهيز والماء، نزار بركة في تصريح صحفي سابق، إن “المملكة الغربية نهجت مخططات لمواجهة أزمة نقص المياه، حيث أطلقت “برامج تهدف أساساً إلى تعبئة المياه من خلال إنشاء السدود التي تكتسي أهمية بالغة بالنسبة إلى المملكة، حيث نتوفر اليوم على 148 سداً، كما تم العمل على تحسين وصول العديد من المواطنين إلى الماء، خصوصاً في المناطق القروية والجبلية، حيث إن أكثر من 98 في المئة من هذه المناطق مغطاة بقنوات تزويد الماء، و40 في المئة من ساكنة العالم القروي تتوفر على الربط المنزلي بالماء، فيما الحواضر بنسبة مئة في المئة”.

وتابع الوزير أنه تم وضع عدة مشاريع للعمل على مواجهة التغيرات المناخية، أبرزها إطلاق “البرنامج الوطني للتزويد بماء الشرب ومياه السقي 2020-2027، الذي يهدف بالأساس إلى العمل على تزويد المواطنين بماء الشرب، والعمل من ناحية أخرى على ضمان ماء السقي بالنسبة إلى القطاع الفلاحي، إلى جانب الاستراتيجية الوطنية للماء التي تم إطلاقها سنة 2009 بهدف مواجهة سنتي جفاف متتاليتين وتأمين وصول ماء الشرب لجميع المواطنين وتفادي الضغط على الأقاليم.

 

تحلية المياه

وكانت المملكة المغربية قد عملت على تشييد السدود خلال سبعينيات القرن الماضي، لتحقيق الأمن المائي، وعلى الرغم من أن تلك المنشآت أسهمت بشكل كبير في تفادي أزمة مياه، فإن باحثين أشاروا إلى أنه بسبب الجفاف المزمن وظاهرة التغير المناخي، لم تعد السدود حلاً في المرحلة الحالية.

ولذلك بدأ المغرب في الاعتماد على طرق جديدة لعل ابرزها تحلية مياه البحر، وذلك عبر بناء تسع محطات لتحلية من بينها واحدة هي الكبرى على المستوى القاري بإنتاج سنوي يبلغ 147 مليون متر مكعب.

وفي هذا الصدد أشار وزير التجهيز والماء إلى أن التقنية تمكن من الحفاظ على الفرشة في مستواها الحالي، وفي الوقت نفسه، تسمح باستعمال المياه في القطاع الفلاحي وتحسين دخل العديد من الفلاحين الصغار والمتوسطين، موضحاً أن المغرب يتوفر على إمكانات كبيرة لتحلية المياه بأقل تكلفة، حيث تطمح وزارته إلى تشييد 20 محطة لتحلية المياه، مضيفاً أن الإستراتيجية الجديدة للوزارة تركز على تلك التقنية، بالإضافة إلى أنه سيتم العمل أيضاً على الطاقات المتجددة سواء الريحية أو الشمسية، وهو ما يتيح تحلية المياه بأقل تكلفة.

 

جفاف شديد

من جانبه أشار البنك الدولي، في بيان صحفي إلى أنه بعد انتعاش قوي شهده عام 2021، يعاني الاقتصاد المغربي هذا العام من آثار موجات الجفاف الشديد، وتباطؤ الاقتصاد العالمي، وارتفاع الأسعار العالمية للطاقة والمواد الغذائية، وحسب آخر إصدار من تقرير البنك الدولي، “المرصد الاقتصادي للمغرب ربيع 2022: الجفاف يعرقل الانتعاش الاقتصادي”، فإن وتيرة الاقتصاد ستتباطأ بشكل ملحوظ عام 2022، حيث من المتوقع أن يبلغ معدل النمو 1.3 في المائة في عام 2022، مقابل 7.9 في المائة العام الماضي.

وأكد البنك الدولي أن تأثير موجات الجفاف، يسلط الضوء على تعرض المغرب للصدمات المناخية وصدمات أسعار السلع الأولية العالمية، وتمثل موجات الجفاف المتتالية على مدى ثلاث سنوات من السنوات الأربع الماضية تذكرة صارخة بضعف الاقتصاد المغربي في مواجهة عدم الانتظام المتزايد في مستويات هطول الأمطار.

 

استعمال معقلن

ونتيجة لهذا وأمام النقص الحاد في المياه التي تشهده المملكة، قامت وزارة الداخلية بمراسلة ولاة الجهات وعمال أقاليم المملكة، بضرورة إحداث لجان للسهر على تطبيق العديد من الإجراءات للاستعمال المعقلن للمياه الصالحة للشرب، وأوصت وزارة الداخلية باعتماد مجموعة من الإجراءات اللازمة للإدارة الرشيدة لموارد المياه، وضمان إمداد السكان بالماء الصالح للشرب.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.