يشكل القانون رقم 59.21 المتعلق بالتعليم المدرسي محطة تشريعية بارزة في مسار إصلاح منظومة التعليم الخصوصي بالمغرب، إذ جاء ليضع حداً لاختلالات طالما أثارت الجدل بين المؤسسات والأسر، وليرسم إطاراً تنظيمياً أكثر صرامة وشفافية.
ويهدف هذا القانون، الذي صادق عليه حديثاً، مجلس النواب يوم الإثنين 8 دجنبر 2025، إلى ضمان حقوق المتعلمين وأوليائهم، وتجويد الخدمات التربوية، وتعزيز التكامل بين التعليم العمومي والخصوصي، بما يضمن الرفع من جودة المدرسة المغربية وتحصينها من الممارسات غير السليمة.
ويضع القانون رقم 59.21 المتعلق بالتعليم المدرسي إطاراً جديداً وصارماً لتنظيم عمل مؤسسات التعليم الخصوصي، كما يأتي هذا النص التشريعي ضمن رؤية شاملة تهدف إلى تطوير منظومة التعليم بالمغرب بما ينسجم مع التحولات التكنولوجية والاجتماعية والاقتصادية التي تعرفها البلاد.
تحديد رسوم التسجيل والتأمين:
ويمنع على كل مؤسسة للتعليم الخصوصي الرفع بأي حال من الأحوال من قيمة الرسوم والواجبات المذكورة خلال السنة الدراسية الجارية، مع ضرورة القيام بالإخبار المسبق لأولياء أمور المتعلمين بأي رفع محتمل في قيمتها برسم السنة الدراسية الموالية.
كما يفرض النص نشر لائحة رسوم التسجيل والتأمين وواجبات التمدرس، إضافة إلى خدمات الإطعام والإيواء والنقل المدرسي عند توفرها، بصفة دائمة ودقيقة داخل المؤسسة وخلال فترات التسجيل وإعادة التسجيل، وبجميع وسائل النشر المتاحة.
ويؤكد النص أن واجبات التمدرس تشمل جميع الأنشطة التربوية، ويمنع على المؤسسات إلزام الأسر بشراء الكتب أو اللوازم من المؤسسة نفسها أو توجيههم نحو مكتبات بعينها.
وتلتزم المؤسسات الخصوصية بضمان حق التمدرس بشكل منتظم للتلاميذ المسجلين، ويحظر عليها رفض إعادة تسجيل أي متعلم أو طرده ما دام قد استوفى الكفايات المطلوبة والتزم بالنظام الداخلي وبنود العقد.
كما يتيح القانون تقديم تعليم أجنبي بالمغرب شريطة الحصول على ترخيص طبقا للشروط والكيفيات المحددة في دفتر التحملات الذي يصادق عليه بنص تنظيمي، ويلزم المؤسسات باحترام الثوابت الدستورية للبلاد وتلقين المتعلمين البرامج التي تعرفهم بهويتهم الوطنية، بما يشمل اللغتين العربية والأمازيغية ومؤسسات الدولة، إضافة إلى توفير الدعم التربوي ومنح دراسية لفائدة أبناء للأسر المعوزة.
مراقبة منتظمة لمؤسسات التعليم الخصوصي:
ينص القانون على إخضاع مؤسسات التعليم الخصوصي لمراقبة تربوية وإدارية وصحية منتظمة، تقوم بها الأكاديميات بصفة منتظمة عبر لجن متخصصة تضم موظفين إداريين وتربويين.
وتتولى هذه اللجان إبداء الرأي في الملفات المحالة عليها من الأكاديميات أو الهيئات الممثلة للمؤسسات الخصوصية، واقتراح حلول للخلافات التي قد تنشأ بين الأسر والمؤسسات، ما لم تكن قضايا معروضة على القضاء، إلى جانب المساهمة في الدراسات والأبحاث الهادفة إلى تطوير أداء القطاع واقتراح آليات لتصنيف المؤسسات.
وتقوم الأكاديميات بتوجيه استفسار للمؤسسة المخالفة لأحكام القانون، وإذا لم تُسوّ وضعيتها خلال 15 يوما من تاريخ التوصل بالاستفسار، توجه إليها رسالة إنذار تمنحها مهلة لا تتجاوز 6 أشهر لتصحيح وضعيتها.
وتشير الوثيقة إلى أن المسؤولين عن رعاية الأطفال الذين لم يسجلوهم عند بلوغ سن التمدرس الإلزامي يعاقبون بغرامة تتراوح بين 2000 و5000 درهم، وفي حالة العود يضاعف المبلغ الأدنى والمبلغ الأقصى للغرامة.
وإلى جانب العقوبات المنصوص عليها في المادتين 64 و65، يمكن لمدير الأكاديمية اتخاذ إجراءات إدارية في حق المخالفين، تحدد بنص تنظيمي.
ويعاقَب بغرامة بين 10 آلاف و50 ألف درهم كل من فتح أو أدار مؤسسة خصوصية دون ترخيص، أو قام بتوسيع مؤسسة للتعليم المدرسي الخصوصي مرخص بإحداثها سواء تعلق هذا التوسيع بالمؤسسة نفسها، أو بأحد العناصر الأساسية موضوع الترخيص الأول، أو إضافة ملحقات لها أو تغيير مقر مؤسسة التعليم المدرسي الخصوصي المرخص بفتحها، أو تغيير البرامج والمناهج المرخص بها، أو استعمال كتب غير مرخص بها من لدن الأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين المعنية، أو تسليم دبلومات أو شهادات خاصة بمؤسسة للتعليم المدرسي الخصوصي.
ووفق الوثيقة نفسها لا يجوز لمالك مؤسسة التعليم الخصوصي إغلاقها قبل نهاية السنة الدراسية. وفي حالة حدوث قوة قاهرة خلال السنة الدراسية ترتب عنها استحالة استمرار نشاط مؤسسة وجب على مالكها إشعار الأكاديمية المعنية فورا.
وتطبق الغرامة نفسها على كل من حرم متعلما من متابعة دراسته أو رفض إعادة تسجيله أو منعه من اجتياز الامتحانات أو تسليم الشهادات، رغم استيفائه الشروط والتزام ولي أمره ببنود العقد. وترتفع الغرامة في حالة العود ليصل حدها الأدنى إلى 70 ألف درهم والحد الأقصى إلى 100 ألف درهم.
كما يعاقب بغرامة بين 5 آلاف و20 ألف درهم المسؤول الذي يشغل مربيا أو مستخدما دون توفره على المؤهلات التربوية اللازمة، أو يرفض الخضوع للمراقبة التربوية، أو يسجل تلاميذ دون تأمين فردي، أو لا يزاول مهامه بصفة فعلية، أو تولى منصبه دون ترخيص من الأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين المعنية، أو قام بتضمين الإعلانات الإشهارية المتعلقة بالمؤسسة معلومات من شأنها أن تغالط المتعلمين وأولياء أمورهم فيما يخص مستوى ونوع التعليم الملقن بها وشروط الولوج المطلوبة أو غيّر اسم المؤسسة دون موافقة الأكاديمية، أو لم يكتب اسمها ورقم وتاريخ الترخيص على واجهتها.
وفي حالة العود، ترفع الغرامة إلى ما بين 50 ألف و70 ألف درهم، ويعد في حالة العود كل من صدر في حقه حكم قضائي نهائي بسبب ارتكاب إحدى المخالفات المشار إليها، ثم عاد لارتكاب مخالفة مماثلة داخل ثلاث سنوات.