جهات
بعد تأهل مثير على حساب الولايات المتحدة، يدخل المنتخب المغربي لأقل من 17 سنة مواجهة حاسمة أمام مالي في دور الـ16 لكأس العالم بقطر، في تكرار لنهائي كأس أمم إفريقيا. النسور الماليّة تأتي بكامل ثقتها وسلاحها البدني، بينما يعوّل المغرب على التفوق الفني والانضباط التكتيكي لخطف بطاقة العبور.
بعد عبور دراماتيكي إلى دور الـ16 من مونديال أقل من 17 سنة إثر تفوقه على الولايات المتحدة بركلات الترجيح، يجد المنتخب المغربي نفسه أمام امتحان إفريقي خالص، حين يواجه المنتخب المالي يوم غد الثلاثاء في مباراة تحمل نفس حرارة نهائي كأس الأمم الإفريقية الذي جمع الفريقين سابقًا.
يدرك لاعبو نبيل باها صعوبة التحدي جيدًا. مالي ليست خصمًا مجهولًا؛ إنها مجموعة شابة مبنية على القوة البدنية، والانتقال السريع، والانضباط الدفاعي الصارم. يقودها أداما ديفلا ديالو، الذي يعتمد أسلوبًا مباشِرًا قائمًا على المواجهات الثنائية والكرات الثابتة. ورغم هذا التفوق البدني الواضح، يظل الجانب الإبداعي محدودًا في مواجهة فرق تمتلك قدرة أعلى على التحكم في الكرة، مثل المغرب.
من جهته، يواصل المنتخب المغربي رحلته بثقة بعد مسار مثير بدأ بانتصار تاريخي 16-0 أمام كاليدونيا الجديدة، قبل أن يتجاوز عقبة الأمريكيين بشخصية قوية. شعيب بلعروش وزملاؤه يدركون أن لقاء مالي ليس مجرد مباراة إقصائية، بل فصل جديد من صراع مفتوح منذ نهائي إفريقيا 2025، حيث نجحت الأسود الصغيرة يومها في خنق النسور طيلة 120 دقيقة.
مالي تدخل المباراة منتشية بفوز مقنع 3-1 على زامبيا، وبجيل يعتمد أساسًا على لاعبين تخرّجوا من أكاديميات محلية تثير اهتمام كشافي أوروبا. ويبرز الجناح الأيسر سيدو ديمبيلي كأحد أخطر أسلحة النسور، بأرقامه القوية: مراوغات ناجحة بمعدل 3.2 في المباراة، قدرة عالية على اختراق الأطراف، مع هدف وتمرير حاسمة حتى الآن. مراقبته ضرورة دفاعية قصوى للمغاربة منذ الثواني الأولى.
في العمق الهجومي، يبقى ريموند بومبا الهدّاف الأكثر خطورة، بفضل قوته وقدرته على حسم الهجمات داخل المنطقة. بينما يتولى إبراهيم دياكيتي إدارة خط الوسط بذكاء يسمح له بتحويل الكرة بسرعة نحو الأطراف. قطع خط إمداداته عبر ضغط عالٍ ومتواصل قد يشكل مفتاحًا لتعطيل الآلة المالية.
ورغم قوة مالي الهجومية (8 أهداف في 4 مباريات) وصلابة خطها الخلفي، إلا أن أسلوب لعبها المباشر يفقد انسيابيته أمام فرق قادرة على الاحتفاظ بالكرة وفرض الإيقاع. كما أن محدودية دكة البدلاء تستنزف اللاعبين في الدقائق الحاسمة، خصوصًا بعد خوض العديد منهم مباريات كاملة دون راحة.
التاريخ القريب أيضًا يميل نحو المغرب: انتصاران في آخر ثلاث مواجهات، بينها النهائي القاري. وإذا نجحت الأسود في فرض أسلوبها، وتوسيع رقعة اللعب، وحرمان ديمبيلي من المساحات، فقد تكون بطاقة ربع النهائي أقرب إلى الدار البيضاء منها إلى باماكو.