دراسة جدوى النفق البحري بين المغرب وإسبانيا: خطوة استراتيجية نحو تعاون اقتصادي وجيوسياسي

جهات- وكالات

اختارت الحكومة الإسبانية شركة ألمانية متخصصة لتنفيذ دراسة الجدوى التقنية لمشروع النفق البحري الذي سيربطها بالمغرب عبر مضيق جبل طارق.

وذكرت منصة “Arabian Gulf Business Insight” أن شركة “SECEGSA” الإسبانية، التي تأسست في 1981 لهذا الغرض، عهدت إلى فرع شركة “هيرنكنيشت” الألمانية بإجراء هذه الدراسة التقنية، التي تعتبر خطوة أساسية لفهم التحديات التي قد تواجه المشروع.

وقال المتحدث باسم “هيرنكنيشت” إن هذا النفق سيحسن كفاءة النقل بين شمال إفريقيا وأوروبا، حيث أن مضيق جبل طارق يمثل تحدياً كبيراً في حركة البضائع والمسافرين بين القارتين.

تحديات وفرص جديدة للتعاون بين المغرب وإسبانيا

من جهته، اعتبر المحلل الاقتصادي علي الغنبوري أن مشروع الربط القاري بين المغرب وإسبانيا يعد من المبادرات الأكثر طموحًا في المنطقة،

وأشار إلى أن هذا المشروع سيؤدي إلى إنشاء نفق تحت مضيق جبل طارق يربط القارتين الإفريقية والأوروبية، مما سيخلق جسراً بري-بحريًا بين الشمال والجنوب.

وأوضح أن النفق المقترح سيمتد على مسافة بين 28 و38 كيلومترًا، وبعمق يصل إلى 300 متر تحت سطح البحر، وسيعزز التكامل بين القارتين، مضيفا أن هذا المشروع سيعزز التعاون الاقتصادي والاجتماعي، ويضع المغرب في مركز شبكة التجارة الدولية.

كما يتوقع أن يساهم في زيادة التبادل التجاري بين إفريقيا وأوروبا عن طريق تسهيل حركة السلع وتقليص تكاليف النقل، مما سيسهم في زيادة سرعة تدفق البضائع بين القارتين.

كما سيعزز هذا المشروع البنية التحتية الاستراتيجية، مما ينعكس بشكل إيجابي على الاقتصادين المغربي والإسباني، ويمنح المغرب موقعًا متميزًا كبوابة رئيسية لإفريقيا.

خطوة استباقية إسبانية نحو التخطيط المشترك

بالرغم من أهمية الدراسة الحالية، أكدت “الشركة الوطنية لدراسات مضيق جبل طارق” (SNED) المغربية أن هذه المبادرة الإسبانية ليست جزءًا من العمل المشترك المتوقع بين المغرب وإسبانيا.

بل هي خطوة استباقية تهدف إلى الاستعداد لخطة عمل مشتركة ستناقشها وتُعتمد لاحقًا اللجنة المغربية-الإسبانية المختلطة، والتي ستكون المسؤولة عن تنسيق المشروع بين البلدين.

ويتوقع أن يتم تحديد الخطوات المستقبلية بناءً على نتائج الدراسات المشتركة التي سيتم تنفيذها لضمان توافق المشروع مع مصالح البلدين.

ويُعد هذا التحليل الاستباقي من الجانب الإسباني خطوة استراتيجية لتوفير بيانات مهمة يمكن أن تساهم في تسريع مراحل التحضير بمجرد اعتماد الخطة المشتركة.

تكلفة ضخمة وأبعاد استراتيجية هامة

تقدر الميزانية الإجمالية لإنجاز مشروع الربط القاري بين المغرب وإسبانيا بحوالي 6 إلى 10 مليارات دولار أمريكي، مع فترة تنفيذ تتراوح بين 5 و10 سنوات.

ويُعد هذا المشروع من بين المبادرات الأكثر طموحًا في المنطقة، نظرًا لأبعاده الاقتصادية والاجتماعية والجيوسياسية التي تعزز من مكانة المغرب وإسبانيا على الساحة الإقليمية والدولية.

تأثيرات اقتصادية واجتماعية وجيوسياسية كبيرة

اقتصاديًا، يُتوقع أن يحدث المشروع نقلة نوعية في حركة التجارة بين إفريقيا وأوروبا، حيث سيسهم في تسهيل تدفق السلع بشكل أسرع وأكثر كفاءة، مما يقلل من تكاليف النقل ويزيد من القدرة التنافسية للمنتجات.

وسيضاعف المشروع حجم التبادل التجاري بين القارتين، خاصة في دول غرب إفريقيا التي تعد من الأسواق الأكثر ديناميكية في القارة.

من الناحية الاجتماعية، سيخلق المشروع آلاف الفرص الوظيفية عبر مراحله المختلفة بدءًا من التصميم والهندسة، مرورًا بالبناء، وصولًا إلى التشغيل والصيانة، مما سيسهم في تحسين الأوضاع الاقتصادية في كل من المغرب وإسبانيا.

كما سيساهم في تعزيز الروابط الثقافية بين البلدين، حيث سيوفر فرصًا أكبر للتبادل الثقافي والسياحي، مما يعزز العلاقات الثنائية على مستوى الشعوب.

أما من الناحية الجيوسياسية، فإن هذا المشروع يعد خطوة استراتيجية لترسيخ دور المغرب كبوابة رئيسية لإفريقيا، مما يعزز مكانته في المبادرات التنموية العالمية.

كما يعزز المشروع الشراكة القوية بين المغرب وإسبانيا، ويعزز استقرار منطقة حوض البحر الأبيض المتوسط التي تعد حيوية للتجارة والتبادل بين القارات.

تعليقات (0)
أضف تعليق