يجدد الشعب المغربي امتنانه لماضيه العريق ولأجداده المقاومين وللروح الوطنية التي تدب في عروقه من خلال الاحتفاء بالذكرى 79 لتقديم وثيقة الاستقلال المقابلة ليومه الأربعاء 11 يناير.
ويخلد المغاربة، قيادة وشعباً هذه المناسبة، بكل فخر واعتزاز، لما تمتاز به من دلالات و من ذكريات غالية في مسيرة الدفاع عن المقدسات الدينية والثوابت الوطنية للبلاد.
وتشكل هذه المناسبة فرصة مُتجددة للاحتفاء بأبطال المقاومة الباسلين، ورجال جيش التحرير والحركة الوطنية، الذين بذلوا الغالي والنفيس، بقيادة السلطان الراحل محمد الخامس، وأبناء أسرته، على رأسهم الملك الراحل الحسن الثاني، لأجل انتزاع الاستقلال من يدي المستعمر.
وجاء تقديم وثيقة الاستقلال الذي تم في 11 يناير من العام 1944، تتويجا لمسلسل من المعارك الوطنية لمواجهة المستعمر، حيث تقدمت 66 شخصية وطنية وسياسية بوثيقة تطالب باستقلال المملكة والانسحاب الفوري لسلطات الحماية الفرنسية آنذاك.
وكانت البلاد مقسمة إلى مناطق نفوذ للاستعمار الفرنسي، وأخرى تحت السيطرة الإسبانية، فيما كانت مدينة طنجة منطقة تُسير بنظام حكم دولي.
هذا وقد كان السلطان الراحل الملك محمد الخامس في قلب هذه العملية، مُجسداً قناعة الشعب الكاملة في التحرير والاستقلال، والتمسك بمقوماته وثوابته المقدسة، حيث تعد هذه الخطوة ثمرة تنسيق واتصالات مكثفة بين رجال المقاومة والقيادة الوطنية، التي تحدت سلطات الإقامة ودخلت معها في مواجهة سياسية مباشرة.
وجاءت فكرة الوثيقة بإيحاء من السلطان الراحل الملك محمد الخامس، قبل أن ينهمك رجال المقاومة في إعدادها، بتنسيق وتوافق على مضمونها؛ ليتم تقديمها بعد الانتهاء من صياغتها إلى مقر الإقامة العامة، فيما وُجهت نسخ منها للقنصليات العامة لكل من دول الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا، كما أرسلت نسخة منها إلى ممثلية الاتحاد السوفياتي آنذاك.
وكانت الوثيقة حدثاً غير مسبوق، وثورة كبيرة على الاستعمار الفرنسي، وتعبيراً جليا عن إرادة المغاربة القوية في الدفاع عن حقوقهم المشروعة في تقرير مصيرهم وتدبير شؤونهم بأنفسهم وعدم رضوخهم لإرادة المستعمر.
وتضمنت الوثيقة ما يلي: “الدولة المغربية تمتعت دائما بحريتها وسيادتها الوطنية وحافظت على استقلالها طيلة ثلاثة عشر قرنا إلى أن فرض عليها نظام الحماية في ظروف خاصة”.
وأوضحت الوثيقة أن الغاية من نظام الحماية والمبرر لوجوده كانا “إدخال الإصلاحات التي يحتاج إليها المغرب في ميادين الإدارة والعدلية والثقافة والاقتصاد والمالية والعسكرية”، مشددة على أن ذلك كان يجب أن يتم دون “أن يمس ذلك بسيادة الشعب المغربي التاريخية ونفوذ جلالة الملك”.
وأردفت أن “سلطات الحماية بدلت هذا النظام بنظام مبني على الحكم المباشر والاستبداد لفائدة الجالية الفرنسية ومنها جيش من الموظفين لا يتوقف المغرب إلا على جزء يسير منه وأنها لم تحاول التوفيق بين مصالح مختلف العناصر في البلاد”.