أي دور للتحسيس في مواجهة أزمة الجفاف بالمغرب؟

بينما تحدد منظمة الصحة العالمية 1700 متر مكعب من الماء معدلا للاستهلاك الفردي سنويا، أصبح المعدل لدى المغربي أقل من 500 متر مكعب، وهو ما يكشف حجم الإجهاد المائي الذي دخله المغرب خلال هذه الفترة التي تعرف موجة جفاف قاسية جدا.

ولأجل مواجهة هذا الوضع الكارثي الذي أنذر به مختلف الخبراء البيئيين، وأتى جلالة الملك على ذكره خلال الخطاب الملكي بمناسبة افتتاح السنة التشريعية، رصد مشروع قانون المالية المغربي لسنة 2023 ما مجموعه 10,6 مليارات درهم لمعالجة ندرة المياه، بزيادة حوالي 5 مليارات درهم مقارنة بالسنة الماضية.

كما عمدت الحكومة إلى وضع العديد من الاجراءات لمواجهة هذه الأزمة، بدأ بتقديمها وعودا للمواطنين، تقضي بمنحهم مكافآت في حال استهلاك نسبة أقل من الماء والكهرباء مقارنة بذات الفترة من السنة الماضية، وصولا إلى الحث على تحسيس المواطنين بضرورة ترشيد استهلاك المياه والطاقة.

لكن، هل بالفعل عبأت الحكومة لهذه العمليات التحسيسية بما يوازي حجم الأزمة؟؟

في هذا السياق، قال ادريس وغريس، الرئيس الإقليمي للمنظمة الوطنية لحقوق الإنسان والدفاع عن الحريات بالمغرب، والمنسق الوطني للمنظمة، إن المغرب يعيش أزمتين، الأولى على الصعيد الطاقي، وهي تتجاوزه، كونها أزمة عالمية، والثانية هي أزمة الجفاف، والتي تعمقت بفعل غياب التساقطات المطرية، وكذا النقص الذي تشهده المياه الجوفية “بفعل سياسة وزارة الفلاحة التي أنهكت الفرشة المائية بزراعات مستنزفة”.

وأكد وغريس، في تصريحه لجريدة جهات الإلكترونية، أن التحسيس بأهمية ترشيد استهلاك المواطنين لا يتطلب فقط التواصل الإعلامي أو التواصل الفعلي المباشر، لكن يلزمه التوعية انطلاقا من الممارسة، من خلال أن تنهج المؤسسات والمرافق العمومية المغربية سياسية لترشيد استهلاكها، بدأ من فضاءات الكولف، وملاعب التنس، وصولا إلى المدارات الحضرية والحدائق الصغرى، مشيرا إلى أن الاستهلاك الكبير للمياه لا يأتي من طرف المواطن بل من قبل المؤسسات الكبرى والشركات والفنادق الضخمة.

وأضاف ذات المتحدث أن على الحكومة بدل الالتفات للمواطن ومطالبته بترشيد استهلاكه، أن تعيد النظر في سياساتها الفلاحية، متسائلا: “هل فعلا الحكومة أو الوزارة الوصية على قطاع الفلاحة انتبهت لمسألة الفرشة المائية وضياعها، وكذلك النقص في السدود بسبب السقي، والذي يستفيد منه كبار الفلاحين؟ ما الذي يقدمه هؤلاء الفلاحين الكبار، الذين جلبوا استثمارات في الافوكادو والبطيخ والمنتوجات الفلاحية التي تستهلك بشكل كبير الفرشة المائية خلال هذه الأزمة؟”.

وفي علاقة بترشيد السلوك الاستهلاكي للمواطن، أوضح وغريس أن أكبر عامل يدفع المغربي الآن لترشيد استهلاكه للماء والكهرباء هو ارتفاع تكلفة العيش، مؤكدا أن الفاتورة التي يدفعها المواطن خير رادع له لأجل مراقبة استهلاكه.

وشدد الرئيس الإقليمي للمنظمة الوطنية لحقوق الإنسان والدفاع عن الحريات بالمغرب على أن التحسيس من خلال وسائل الإعلام وعبر الاستعانة بخبراء يتحدثون لغة النسب والأرقام لن يكون ذو نفع، موضحا أن المواطن البسيط لن يستطيع استيعاب هذه اللغة، مضيفا أن المهمة يجب أن يعنى بها الفاعلون المدنيون، سواء جمعيات المجتمع المدني أو المنتخبون، لكن بتأطير ومواكبة ودعم من الحكومة.

كما دعا وغريس إلى ضرورة وضع اجراءات زجرية تهم المستهلكين الكبار للماء والكهرباء عند تجاوزهم النسبة التي يحتاجونها بالفعل، مؤكدا من جديد أن المواطن هو الحلقة الأضعف في هذه الأزمة.

تعليقات (0)
أضف تعليق