وفاة امرأة فرنسية بسبب عضات كلاب ضالة تعيد للواجهة إشكالية خطورة كلاب الشوارع

يتكرر مشهد انتشار الكلاب الضالة في عدد من المدن المغربية، بشكل يقلق ساكنة بعض الأحياء، خاصة أن لأغلبها غير ملقح ولم يخضع للتعقيم، وهو ما يهدد سلامة شريحة واسعة من المواطنين.

وتتفاقم هذه الظاهرة مع حلول فصل الصيف، حيث تتكاثر الكلاب بشوارع وأزقة المدن، مما يؤرق الساكنة، التي تتخوف من العواقب الصحية لانتشار هذه الكلاب، خاصة بعد تسجيل حالات متعددة لتعرض مواطنين وأطفال لعضات الكلاب، كان آخرها الأحد 21 غشت 2022، حيث تعرض ثمانية أشخاص بينهم أطفال صغار لعضات كلب مسعورة، بشاطئ في الصخيرات، أرسلتهم على وجه السرعة إلى المستعجلات، مما أضفى على الظاهرة طابع أزمة صحية عامة.

وأعادت حادثة، وفاة مواطنة أجنبية من جنسية فرنسية، تبلغ من العمر حوالي 44 سنة، الثلاثاء 16 غشت 2022، بجماعة العركوب، متأثرة بإصاباتها جراء عضات كلب، إشكالية خطورة كلاب الشوارع إلى الواجهة.

منع قتل الكلاب الضالة

حظرت وزارة الداخلية منذ عامين، قتل الكلاب بالرصاص أو السم، حيث أصدرت دورية، تمنع استخدام الأسلحة النارية والمواد السامة لقتل الكلاب الضالة، والحث على استخدام بدائل أخرى. استجابة لانتقادات مجموعة من المنظمات الوطنية والدولية المهتمة بحماية الحيوانات.

وفي عام 2019، وقعت وزارة الداخلية اتفاقيات تعاون مع الرابطة الوطنية للأطباء البيطريين لمكافحة الكلاب الضالة عن طريق التعقيم للحد من تكاثرها؛ ومع ذلك، فإن الانتشار المتزايد للكلاب الضالة ووقوع الحوادث من حين لآخر يجعل المواطنين يشكون في فعالية قرارات السلطات والإجراءات المتخذة للحد من تكاثرها العشوائي وحماية المواطنين.

زينب العراقي تتحدث عن ظاهرة الكلاب الضالة

في سياق متصل، قدمت زينب العراقي، رئيسة فرع جمعية ٱذان للدفاع عن الحيوان والطبيعة، جهة الدار البيضاء سطات، عددا من الحلول، على رأسها آلية TNR للحد من ظاهرة الكلاب الضالة، المعترف بها في النظام الدولي.

وأوضحت العراقي، في حديثها للجريدة الإلكترونية “جهات” أن نهج (TNR)، يعتمد على جمع الحيوانات المفقودة في مراكز العلاج المؤقتة لإخصاء الذكور، وخصي الإناث واستعادتها، ثم إطلاقها في بيئتها الطبيعية في ضواحي المدن.

وأضافت المتحدثة نفسها أن “نهج TNR يظل الآلية الأكثر ثباتا حتى الآن لأنه يشمل المواطن، الذي يعد حجر الزاوية في حماية الكلاب، بعد تحييد ومعالجة خطرها بدلا من قتلها”، مؤكدة على أهمية إشراك المواطنين من خلال رفع مستوى الوعي، حيث إن كل نهج للحد من انتشار الكلاب الضالة وحمايتها لا يزال غير مكتمل، دون مشاركة فعلية من المواطنين” .

وأبرزت الفاعلة المدنية “أن حماية الكلاب ومنع تكاثرها العرضي يمر بعدة مراحل، بداية من تدريب وتثقيف وتكوين وتعليم المواطنين، ثم تحصين الكلاب والتعقيم”، مشددة على أن هذه الحيوانات تستحق حياة كريمة مثل البشر”.

وشددت العراقي على أنها لا تتفق مع طريقة جمع الكلاب في الملاجئ لأن التتبع الخاص مطلوب في كل حالة والتستيف في مكان واحد، يمكن أن يجبرهم على القتال والعيش في حالة دائمة من الرعب وعدم الاهتمام”.

وفي تعليقها على حالة وفاة المواطنة الفرنسية متأثرة بإصاباتها جراء عضات كلب، قالت زينب العراقي: “إن ذلك سيوثر بشكل سلبي على السياحة المغربية،
ودائما مايقع مثل تلك الحوادث سواء تعلق الأمر بالمواطنين المغاربة أو الأجانب، مشددة على ضرورة إخراج مشروع (TNR)، الذي تم تقديمه منذ سنة 2018، إلى الوجود، لأنه من دون ذلك ستستمر الظاهرة في الانتشار”.

وضع حد للظاهرة

تعالت الأصوات الداعية إلى ضرورة وضع حد لظاهرة انتشار الكلاب الضالة بمختلف المدن المغربية، حيث نشر أحد المواطنين تدوينة على موقع التواصل الاجتماعي” فيسبوك” يؤكد فيها أن ” ظاهرة الكلاب الضالة، تهم جميع المدن المغربية بشكل متفاوت، ومستعصية لأنها تتكاثر بشكل متسارع، ما يجعل التغلب عليها أمرا في غاية الصعوبة”، مضيفا: “إنه من العار أن نرى كلاب في أكبر مشروع بتاغزوت.. كلاب ضالة على طول الساحل من إيموران إلى تاغزوت.. هذا يشكل خطرا على الساكنة والسياح والزوار، لابد من إيجاد حل لهذه المشكلة”.

وفي تصريح سابق، للجريدة الإلكترونية “جهات”، قال علي الصغير عضو جمعية للرفق بالحيوانات بمدينة سلا، إن ظاهرة انتشار الكلاب الضالة، ليس وليد لحظة، وإنما يعود بالأساس إلى وجود أحياء هامشية ومباني صفيح، تنتشر بها الكلاب، التي تنتقل بسهولة نحو المدينة، ويؤدي تزاوج هذه الكلاب إلى تكاثر أعدادها”.

وأوضح، أن البنايات المهجورة والتي في طور البناء تشكل ملجأ للكلاب الضالة وحينما يتم اكتمال البناء تتشرد الكلاب، إضافة إلى أن بعض الناس الذين يعيشون على هوامش المدن يقومون بنقل الكلاب نحو المدينة.

نقاش داخل قبة البرلمان

بالنظر إلى  الطابع الوطني للظاهرة، فقد وصلت إلى البرلمان، حيث سبق لعبد الوافي لفتيت، وزير الداخلية، أن أجاب عن سؤال كتابي طرحه الفريق الاستقلالي للوحدة والتعادلية بمجلس المستشارين، حول “ظاهرة الكلاب الضالة”.

وأقر الوزير أن ظاهرة انتشار الكلاب الضالة تشكل خطرا على صحة وسلامة المواطنين، لما يمكن أن تسببه من أمراض، ناهيك عن الانزعاج الناجم عنها وتأثيرها السلبي على محيط عيش السكان، كما أن هذه الحيوانات تشكل الخزان الرئيسي أو الناقل للعديد من الأمراض الخطيرة، كداء السعار.

وحمل الوزير المسؤولية إلى المجالس البلدية، مشددا على أن محاربة الكلاب الضالة تندرج ضمن الاختصاصات المخولة للمجالس الجماعية ورؤسائها في ميدان الوقاية وحفظ الصحة.

وكشف أن وزارة الداخلية تعمل سنويا، في إطار مواكبتها للجماعات الترابية، على رصد اعتمادات لتعزيز قدراتها في هذا الميدان، حيث بلغت خلال الخمس سنوات الأخيرة ما يناهز 70 مليون درهم، من أجل اقتناء سيارات ومعدات لجمع ومحاربة الكلاب الضالة وداء السعار.

وكشف الوزير أنه يتم تلقيح أزيد من 80 ألف شخص سنويا مجانا ضد هذا الداء الفتاك، مفيدا أنه بهدف احتواء ظاهرة انتشار الكلاب الضالة على الصعيد الوطني، تم في سنة 2019، إبرام اتفاقية إطار للشراكة والتعاون بين المديرية العامة للجماعات الترابية، والمكتب الوطني للسلامة الصحية للمنتجات الغذائية، ووزارة الصحة والحماية الاجتماعية والهيئة الوطنية للأطباء البياطرة، تتوخى تعزيز التعاون والتنسيق بين هذه الأطراف من أجل معالجة هذه الظاهرة.

تعليقات (0)
أضف تعليق