يعيش القطاع السياحي على مستوى إقليم ورزازات على وقع الاغلاقات المستمرة لمجموعة من المؤسسات السياحية (خاصة الفنادق)، وهو ما جعل مجموعة من المهنيين والفاعلين يدقون ناقوس الخطر المحدق بالقطاع.
ويشير المهنيون أن الاغلاقات المتتالية السريعة للفنادق خلال الخمس سنوات الماضية، وضعف استقطاب استثمارات جديدة لسد هدا العجز، بالإضافة إلى العزلة الجوية والطرقية، التي تعرفها جهة درعة-تافيلالت عموما، وورزازات على الخصوص، تمثل الأسباب الرئيسية لتقهقر هدا القطاع الذي أصبح يهدد مئات العمال بالتشرد.
فبالإضافة الى تقلص الطاقة الاستيعابية لمؤسسات الإيواء الفندقي إلى حوالي النصف مند بدأ الاغلاقات، سُجّل تراجع رهيب على مستوى حركة النقل الجوي بمطار ورزازات خلال الستة أشهر الأولى من السنة الجارية، حيث تراجع بذلك تصنيفه في الترتيب ضمن مطارات المملكة.
وفي هذا الصدد أفاد الزوبير بوحوت الخبير المتخصص في المجال السياحي، أن مطار ورزازات، الذي كان يحتل المرتبة الثامنة وطنيا سنة 2009 حيث استقبل أكثر من 81 ألف مسافرا، عرف تراجعا مهولا إذ لم يستقبل خلال الستة أشهر الأولى من سنة 2019 سوى 10 آلاف و800 مسافر، وهو ما يمثل انخفاضا في عدد الوافدين بنسبة 75في المائة. كما أن هدا التراجع سيستمر لنكتشف أن المطار لم يسجل سوى نصف هذا الرقم أي 5940 مسافرا في الستة أشهر الأولى لسنة 2022 (وهو نصف ما يستقبله مطار مراكش في يوم واحد) كما أن نسبة الاسترجاع بلغت 45% فقط، وهي أضعف نسبة مقارنة مع مطارات الوجهات السياحية الأخرى ( 59 % بالنسبة للدار البيضاء، 56% بمراكش، 63 % بأكادير، 72% بفاس، 87% بطنجة، الخ…)، وهو ما يجعل مطار ورزازات يتدحرج إلى المرتبة 14 عوض المرتبة الثامنة. كما أنه من المنتظر أن يفقد ترتيبا آخر في الأشهر القليلة القادمة ليتديل بذلك أسفل ترتيب مطارات المملكة.
وكشف بوحوت عن الأسباب الحقيقية لتراجع القطاع السياحي بورزازات، بغض النظر عن وباء كورونا الذي يتذرع به البعض ليخفوا فشلهم في التدبير السياحي، والمتمثلة أساسا في ضعف جلب الاستثمار بالقطاع مع تنامي إغلاق المؤسسات السياحية، وما يخلفه ذلك من تداعيات على مستوى التنمية والشغل دون أدنى مبادرة للمسؤولين، بالإضافة الى العزلة الجوية والطرقية وضعف ميزانيات الترويج، مؤكدا أن العديد من أصحاب الفنادق قاموا في وقت سابق بضخ استثمارات ضخمة ساهمت في إبراز ورزازات كوجهة سياحية رائدة، لكن شاءت الأقدار أن ينصرف المسؤولين عن إيلاء الاهتمام اللازم للقطاع وهو ما جعله يواجه أكبر العقبات التي ستؤدي إلى كارثة حقيقية، خصوصا أن هاته المشاكل (الاغلاقات وضعف النقل الجوي) قد يؤثران على استقطاب الانتاجات السينمائية التي تعتمد أساسا على سلاسة النقل الجوي وتواجد طاقة استيعابية هامة لاستقبال الممثلين والتقنيين والأطقم الادارية.
وحسب الخبير المختص في القطاع السياحي، فإن مسلسل التراجع في القطاع بدأ يتسارع بالفعل في ورزازات منذ سنة 2018 خلافا لكل المدن المغربية التي كانت تسجل نسب نمو إيجابية.
وأضاف بوحوت أن مسلسل التراجع سيتفاقم بفعل الجائحة، لتصبح ورزازات من أكبر المتضررين، مشيرا إلى أنه في الوقت الذي تراجع فيه نشاط القطاع السياحي على المستوى الوطني من حوالي 13 مليون سائح سنة 2019 إلى حوالي 2,8 ملايين سائح سنة 2020، أي بتراجع وصل ناقص 78 في المائة، سجلت وجهة ورزازات تراجعا بنسبة ناقص 83 في المائة.
وأكد على ضرورة إيلاء الاهتمام لهاته الوجهة التي تحتضن أكبر الاستوديوهات السينمائية العالمية وأكبر محطة للطاقة الشمسية، والتي عاش قطاعها السياحي وضعا كارثيا هذه السنة، ما جعلها تمر بأحلك 5 سنوات في تاريخها.
وأشار إلى أن القطاع عرف فترات انتعاش خلال الفترة بين سنة 2014 و 2017، مبرزا أنه بدأ يشهد ركودا منذ سنة 2018، لتأتي سنتي الجائحة 2020 و2021 وتحكم عليه بالضربة القاضية. ورغم الإنتعاشة التي سجلها القطاع بالمغرب ابتداء من أبريل وماي ويونيو 2022 إلا أنه للأسف لم تستفد منها ورزازات التي لازالت غارقة في سباتها بحكم تراكم المشاكل وحدتها.
وخلص الزبير بوحوت إلى أن المطلب الأساسي اليوم، لتجاوز هذا الوضع والاستفادة من الانتعاشة التي يعرفها القطاع السياحي بعدد من جهات المملكة، يتمثل في إيجاد حل مستعجل يحول دون إغلاق الفنادق المهددة بالإغلاق وتقوية الربط الجوي بالنظر إلى أن قطاع الطيران يعد العائق الأساسي في تنمية هذه المنطقة، بالإضافة إلى إخراج مشروع المحطة السياحية التي تم تفويت بقعة أرضية لإنجازها مساحتها 374 هكتار سنة 2007، والتي كان من المنتظر أن تستقطب استثمارات تصل إلى 5,4 مليار درهم مع تقوية الطاقة الاستيعابية بحوالي 12 ألف سرير، وهو ما يمثل تقريبا 4 مرات الطاقة المشغلة حاليا. كما وجب العمل فورا على إخراج مشروع القرية السينمائية إلى حيز الوجود، وهو المشروع المهيكل الذي من شأنه تمكين ورزازات من الاستمرار في الريادة في هذا القطاع؛ علما أن أي تخلٍ عن هاذين المشروعين يعتبر إعلانا واضحا عن إقبار هاته الوجهة السياحية السينمائية الرائدة وطنيا ودوليا.
وكان الزوبير بوحوت وجه رسالة إلى رئيس الحكومة يطالب من خلالها الحكومة كل من موقعه من أجل التدخل لإنقاذ الإقليم من الضياع.