شهد المغرب في الأونة الأخيرة، عدة حرائق اجتاحت مناطق عدة، دمرت آخرها بشمال المملكة حوالي 10.560 هكتار على امتداد جغرافي شمل أربعة أقاليم.
وقد مكنت الجهود المتواصلة التي بذلتها فرق التدخل، إضافة إلى مصالح المياه والغابات، والوقاية المدنية، والقوات المسلحة الملكية، والدرك الملكي والقوات المساعدة، من السيطرة على جميع البؤر في الأقاليم الأربعة، بالإضافة للمساعدة التي قدمها السكان لهذه القوات، فقد تم وضع العديد من الموارد البرية والجوية للسيطرة على ألسنة اللهب التي أججتها درجات الحرارة المرتفعة وهبوب رياح عاتية.
هذه الحرائق تميزت حسب خبراء بكونها أكثر حدة وفتكا بالغطاء النباتي، وبكونها سريعة الانتشار وطويلة الامد، فنحن أمام شكل جديد من الحرائق لم يكن معهودا بمجالاتنا الغابوية.
إجراءات مستعجلة لانقاذ الغابات المحلية
بعد الحريق الأخير الذي هم غابات شفشاون ووزان والعرائش وتازة وتطوان، أطلق المغرب برنامجا لاعادة تشجير نحو 9 آلاف هكتار من الغابات التي أتت عليها الحرائق، بكلفة بلغت 290 ميلون درهم، مع تعزيز وسائل الوقاية من الحرائق الجديدة، وفق ما أعلنته الحكومة، في خطة تتضمن أيضاً دعم المزارعين وإعادة بناء البيوت المتضررة، فقد تم اجلاء 1300 أسرة في كارثة بيئية غير مسبوقة. كما تم التوقيع على اتفاقية إطار “لدعم السكان المتضررين من حرائق الغابات”، تتضمن “إعادة تأهيل الأشجار المثمرة المتضررة من خلال إعادة تشجير حوالى 9330 هكتارا”، الاتفاقية التي وقع عليها كل من وزيرة الاقتصاد والمالية، ووزيرة إعداد التراب الوطني والتعمير والإسكان وسياسة المدينة، ووزير الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات، ووزير الإدماج الاقتصادي والمقاولة الصغرى والشغل والكفاءات، ووالي جهة طنجة تطوان الحسيمة، ووالي جهة فاس مكناس، و رئيس مجلس جهة طنجة تطوان الحسيمة، ورئيس مجلس جهة فاس مكناس.
تدمير منظومة بيئية عمرت لقرون
وللاحاطة بهذا الموضوع الهام قامت الجريدة الالكترونية “جهات” باستقاء رأي خبير في البيئة الذي أكد “أن الحرائق المهولة التي عرفها شمال المغرب تعد كارثة حقيقة، لها آثار سلبية على المنطقة، تتمثل في خسارة الوسط الغابوي الذي يعد منظومة قائمة بذاتها، تخلخلت بسبب النيران، حيث تعد خسارة مجموعة من النباتات والأشجار المعمرة لسنين واحدة من الآثار السلبية المباشرة على مختلف الجوانب بالمنطقة، ثقافيا واجتماعيا واقتصاديا.
آثار سلبية قوية خلفتها الحرائق على المدى القريب والمتوسط
عن أثار وأضرار الحرائق التي دمرت آلاف الهكتارات من الغطاء النباتي يشير سعيد قروف أستاذ علم البيئة إلى أنها تهم أساسا تدمير الغطاء النباتي والحيواني، وتضرر التربة والمياه، ناهيك عن تدمير منظومة ثقافية من العادات والتقاليد، وتراجع الأنشطة الاقتصادية المرتبطة بالغابة.
تدمير الغطاء النباتي والحيواني
يتباين أثر نيران الغابات على النباتات بحسب درجة الاحتراق (شديدة أو خفيفة) ومدة التعرض للاحتراق، حيث يتبين أن الحرائق التي اندلعت شمال المغرب دمرت، جميع الأشجار والنباتات، وبالتالي تضرر الحيوانات التي كانت ترعى هناك، وتضرر الإنسان أيضا، الذي يصطاد من الغابات ويعتبر ذلك النشاط قوته اليومي.
تدمير التربة والمياه
إن درجات حرارة النيران القوية التي عرفتها مناطق شمال المملكة، لها تأثير على التربة، حيث تصل درجة التأثير إلى فرض تغيير على كيميائية التربة، إضافة إلى تأثُر المياه حيث تتسبب الحرائق في رفع منسوب تدفق المياه من مصادرها على سطح الأرض، محملة بجزيئات المواد غير العضوية المذابة، ما ينجم عنه تلوث المصبات المائية التي تصب فيها كالجداول والبحيرات.
وختم السيد سعيد قروف أستاذ علم البيئة حديثه للجريدة الإلكترونية “جهات” قائلا: “يجب على الدولة والسكان أن يعملوا على إعادة التوازن لتلك المناطق، عبر إعادة الوظائف والأنشطة التي قضت عليها النيران، وحماية المنطقة من تهديدات مستقبلية، وأهم مايجب القيام به، هو التصدي للوبي الأزمات، الذي يعمل على استغلال أراضي هذه الغابات المتضررة للبناء فيها وامتلالكها بشكل غير مشروع.